(ولا يخالف ذلك لفظا إلا لنكتة) لامتناع مخالفة مقتضى الظاهر من غير فائدة ، وقوله : لفظا إشارة إلى أن الجملتين وإن جعلت كلتاهما أو إحداهما اسمية أو فعلية ماضوية
______________________________________________________
يحصل فى المستقبل ، هذا وما ذكره من الامتناع ظاهر إن كان معنى تعليق الجزاء على الشرط أن الشرط إذا حصل يحصل الجزاء بعده ، لكن لا نسلم أن هذا معنى التعليق ، بل معناه جعل الشرط سببا فى حصول الجزاء ، وإذا كان كذلك فيقال : إنه لا مانع من كون ما يأتى سببا فيما يحصل الآن كما إذا قلت : إن كان زيد يبرأ غدا فنحن نفرح الآن ، وقد يقال نمنع أن يكون الفرح الحاصل الآن مسببا عما يحصل فى المستقبل وهو البرء بالفعل ، بل هو مسبب عن شىء حصل الآن وهو إخبار الصادق بأن البرء يحصل فى المستقبل ، ولا شك أن هذا سابق على الفرح فمعنى التركيب حينئذ إن ثبت أن زيدا يبرأ فى المستقبل فنحن نفرح الآن (قوله : ولا يخالف ذلك) أى : ما ذكر من كون كل من جملتى الشرط والجزاء فعلية استقبالية بأن تكون الجملتان غير فعليتين ، أو غير استقباليتين فى لفظهما ، أو من جهة لفظهما ، لا يقال يرد عليه قوله الآتى ، وقد تستعمل إن فى غير الاستقبال إلخ ، فإنه إذا جاز استعمالها قليلا لغير الاستقبال من غير نكتة لم يصح قوله ولا يخالف ذلك إلا لنكتة ، ولم يصح التعليل بقوله لامتناع مخالفة إلخ ؛ لأنا نقول الكلام هنا حيث أريد الاستقبال بدليل أن هذا مرتب على قوله سابقا ولكونهما لتعليق أمر بغيره فى الاستقبال إلخ ، وقوله وقد تستعمل إلخ حيث أريد غير الاستقبال فهو مسألة أخرى ا. ه سم.
(قوله : إلا لنكتة) أى : إلا لفائدة ، وذلك لأن ظاهر الحال يقتضى مراعاة الموافقة بين اللفظ والمعنى فلا يعدل عن الموافقة المذكورة إلا لنكتة ، والعدول عنها بلا نكتة ممنوع فى باب البلاغة (قوله : اسمية) راجع لقوله : أو إحداهما ، وقوله : أو فعلية ماضوية راجع لكل من الأمرين ، وأورد عليه أن جملة الشرط لا تكون إلا فعلية ، والجواب أن بعض النحويين : كالأخفش جوز كون شرط إذا جملة اسمية كما فى (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(١) فلعل الشارح بنى كلامه على ذلك ، أو أراد بقوله : أو إحداهما
__________________
(١) الانشقاق : ١.