(أن يقال : المقبول من طرق التعبير عن المراد ...
______________________________________________________
أنه ليس بصواب ؛ لأنه نظر فيه ولم يجب عنه وعدل إلى غيره ، ويقتضى أيضا أن هذا الكلام الذي أتى به ليس بصواب بل أقرب إليه من غيره وليس هذا مرادا ، وأجيب بأن أفعل ليس على بابه بل المراد القريب للصواب ، والمراد بقربه للصواب تمكنه منه ، وكثيرا ما يعبر بالقرب من الشىء عن كونه إياه كقوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)(١) فإن العدل من التقوى داخل فيها لا أنه قريب إليها فقط (قوله : أن يقال) أى : فى ضبط الإيجاز والإطناب (قوله : المقبول من طرق التعبير إلخ) خرج الإخلال والتطويل والحشو مفسدا أو غير مفسد فإن هذه وإن كانت طرقا للتعبير عن المراد إلا أنها غير مقبولة ، وحاصل ما أشار إليه المصنف منطوقا ومفهوما أن هنا خمس طرق ؛ لأن المراد إما أن يؤدى بلفظ مساو له أولا ، والثاني إما أن يكون ناقصا عنه أو زائدا عليه ، والناقص إما واف أو غير واف ، والزائد إما لفائدة أو لا ، فهذه خمسة المقبول منها ثلاثة وهى ما أدى بلفظ مساو أو بناقص مع الوفاء أو بزائد لفائدة ، وما أدى بناقص بلا وفاء وهو الإخلال غير مقبول ، وما أدى بزائد لا لفائدة غير مقبول وفيه قسمان الحشو والتطويل فصارت الطرق ستة ثلاثة مقبولة وهى المساواة والإيجاز والإطناب وثلاثة غير مقبولة وهى الإخلال والتطويل والحشو ، ثم إن المراد بتلك الطرق مقبولة أو غير مقبولة بالنظر للتعبير عن المقصود بقطع النظر عن حال المتكلم من كونه بليغا أو من الأوساط ، فلا يرد أنه إن أريد بقبول الطرق الثلاثة الأول القبول مطلقا أى : سواء كان من البليغ أو من الأوساط ، فالزائد والناقص الوافي غير مقبولين من الأوساط ، لأنهما خروج عن طريقهم لغير داع وإن أريد القبول من البليغ فليس المساوي والناقص الوافي مقبولين منه مطلقا ، بل إذا كان ذلك لداع ، ويمكن الجواب أيضا باختيار الشق الثانى. وأن المصنف اتكل في عدم التقييد بالبليغ للعلم به من كون الكلام في أساليب البلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال.
__________________
(١) المائدة : ٨.