والأوساط الذين لا يقدرون فى تأدية المعانى على اختلاف العبارات والتصرف فى لطائف الاعتبارات ـ لهم حد من الكلام يجرى بينهم فى المحاورات والمعاملات ، معلوم للبلغاء وغيرهم. فالبناء على المتعارف واضح بالنسبة إليهما جميعا ، وأما البناء على البسط الموصوف فإنما هو للبلغاء العارفين لمقتضيات الأحوال بقدر ما يمكن لهم ، فلا يجهل عندهم ما يقتضيه كل مقام من مقدار البسط.
(والأقرب) إلى الصواب ...
______________________________________________________
على طبقه ، وجمع بين القولين بأن الأول باعتبار السامع والثاني باعتبار المتكلم (قوله : والأوساط) مبتدأ خبره قوله لهم حد إلخ.
(قوله : على اختلاف العبارات) أى : على الإتيان بعبارات مختلفة بالطول والقصر عند إفادة المعنى الواحد (قوله : والتصرف) عطف على اختلاف عطف سبب على مسبب أى : ولا يقدرون على التصرف فى العبارات بمراعاة النكات اللطيفة المعتبرة أى : التى شأنها أن تعتبر (قوله : لهم حد إلخ) أى : لكل معنى أريد إفادته عندهم حد أى : عبارة محدودة أى : معلومة أى : وحينئذ فلا يكون فى البناء على متعارف الأوساط رد إلى الجهالة لوضوحه للبلغاء وغيرهم ، وظهر لك مما قلناه أن القدرة على تأدية المعنى الواحد بعبارات مختلفة فى الطول والقصر إنما هو شأن البلغاء ، بخلاف الأوساط فإن لهم فى إفادة كل معنى حدا معلوما من الكلام يجرى فيما بينهم يدل عليه بحسب الوضع ولا قدرة لهم على أزيد من ذلك ولا أنقص (قوله : وأما البناء على البسط إلخ) هذا جواب عن الاعتراض الثانى ، وحاصله أن البناء على البسط مقصور على البلغاء لا يتجاوزهم إلى غيرهم ولا نسلم عدم معرفة البلغاء لما يقتضيه كل مقام عند النظر فيه ، وحينئذ فيكون التعريف بما فيه البسط الموصوف ليس فيه رد للجهالة للعلم بالبسط الموصوف عند البلغاء (قوله : الموصوف) أى : بكونه أبسط مما ذكره المتكلم (قوله : فلا يجهل عندهم إلخ) أي لأنهم يعرفون أي مقام يقتضي البسط ، ويعرفون أن ذلك المقام المقتضى للبسط يقتضي أي مقدار منه ، وحينئذ فيكون التعريف به ليس فيه رد للجهالة (قوله : والأقرب إلخ) هذا يقتضي أن ما قاله السكاكى قريب إلى الصواب مع أن غرض المصنف