ولا يعرف أن كل مقام أى مقدار يقتضى من البسط حتى يقاس عليه ويرجع إليه.
والجواب : أن الألفاظ قوالب المعانى ، ...
______________________________________________________
عنه بعبارة طويلة ، وهذا علة لقوله : إذ لا تعرف إلخ (قوله : ولا يعرف إلخ) عطف على قوله : إذ لا تعرف ، وهذا بيان لكون البناء على البسط فيه رد للجهالة ، وحاصله أن كون المقام يقتضي كذا وكذا لا أقل ولا أكثر مما لا ينضبط ، فلا يكاد يعرف لتفاوت المقامات كثيرا ومقتضياتها مع دقتها ، فقوله : ولا يعرف أن كل مقام أى : ولا يعرف جواب أن كل مقام ، والمراد بالمعرفة المنفية هنا وفيما مر المعرفة التصورية ، (وقوله : أى مقدار) مفعول مقدم ليقتضى ، وقوله من البسط أى : من ذى البسط ، وأصل التركيب ولا يعرف جواب أن كل مقام يقتضي أى : مقدار من الكلام المبسوط (قوله : حتى يقاس عليه) فيحكم بأن المذكور أقل منه أو أكثر ، وهذا غاية للمنفى وهو المعرفة من قوله : ولا يعرف وضمير عليه راجع للقدر الذى يقتضيه المقام (قوله : ويرجع إليه) عطف تفسير (قوله : والجواب أن الألفاظ إلخ) هذا جواب عن الأول ، وحاصله أنا لا نسلم أن المتعارف غير معروف ، بل يعرفه كل أحد من البلغاء وغيرهم ، وذلك لأن الألفاظ قوالب المعانى فهى على قدرها بحسب الوضع بمعنى أن كل لفظ بقدر معناه الموضوع له ، فمن عرف وضع الألفاظ ولو كان عاميا عرف أى : معنى يفرغ فى ذلك القالب من اللفظ ضرورة أن المعنى الذى يكون على قدر اللفظ هو ما وضع له مطابقة ، فإذا أراد تأدية المعنى الذى قصده عبر عنه باللفظ الموضوع له من غير زيادة ولا نقص ، فالتصرف فى العبارة بما يوجب طولها وقصرها من اللطائف والدقائق الزائدة على أصل الوضع شأن البلغاء والمحققين ، ولا يتوقف متعارف الأوساط واستعماله على ذلك ، وحينئذ فمتعارف الأوساط معروف للبلغاء وغيرهم ومحدود معين عندهم فى كل حادثة وهو اللفظ الموجود للمعنى الذى أريد تأديته ، وحيث كان المتعارف محدودا معينا فيقاس به ويصح التعريف به ، ولا يكون فى البناء عليه رد للجهالة لوضوحه بالنسبة للبلغاء وغيرهم (قوله : الألفاظ قوالب المعانى) أى : لأنها من حيث فهمها منها أو من حيث وضعها لها مساوية لها ، وعكس بعضهم نظرا إلى أن المعنى يستحضر أولا ثم يأتى باللفظ