أصله تخصيص المنادى بطلب إقباله عليك ثم جعل مجردا عن طلب الإقبال ، ونقل إلى تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه ؛ إذ ليس المراد بأى ...
______________________________________________________
أفاد تخصيص مدلول الرجل بالإكرام الذى نسب لمدلول أنا وهو المتكلم ، فقولك : أيها الرجل بيان لمدلول أنا ، فأصل الرجل كما علمت فى حال النداء تخصيص المنادى بطلب الإقبال ، فأطلق عن قيده وهو طلب الإقبال ، ثم قيد ذلك التخصيص بما نسب لمدلول الضمير كالإكرام فيكون مجازا مرسلا علاقته الإطلاق والتقييد ، وظهر لك أن المجاز فى أيها وأنت خبير بأن هذا خروج عن الموضوع ، إذ كلامنا فى استعمال صيغة النداء كيا فى غير معناه مجازا وهنا الذى استعمل فى غير معناه الأصلى : أيها الرجل وهو ليس صيغة النداء كما لا يخفى ، وأجيب بأن أيا لما كثر استعمالها مع أدوات النداء نزلت منزلة أدواته كذا قرر شيخنا العدوى ـ رحمهالله.
(قوله : أصله) أى : الأصل فيه أن يستعمل فى مقام تخصيص المنادى بطلب إلخ أى : ولو كان المنادى هو المتكلم ، وذلك عند قصده تجريد منادى من نفسه مبالغة ـ كما هو الأصل فى هذا المثال.
(قوله : ثم جعل) أى : أيها الرجل مجردا عن طلب الإقبال أى : بنقله لمطلق التخصيص ؛ لأن المتكلم لا يطلب إقبال نفسه ، فإن هذا الباب يجيء فى المتكلم إما وحده أو مع الغير (قوله : ونقل) أى : ثم نقل بعد التجريد عن طلب الإقبال إلى تخصيص مدلوله بما نسب إليه ، وحينئذ فهو مجاز مرسل علاقته الإطلاق والتقييد ، فأيها الرجل خبر مستعمل بصورة النداء تجوزا كما استعمل الأمر بصيغة الخبر نحو : أحسن بزيد ، والخبر بصيغة الأمر نحو : والوالدات يرضعن (قوله : إلى تخصيص مدلوله) أى : مدلول أيها الرجل وهو ذات المتكلم هنا المعبر عنها بالضمير (قوله : بما نسب إليه) أى : بالحكم الذى نسب إليه وربط به كأفعل كذا فى المثال المذكور والجار والمجرور متعلق بتخصيص ، وضمير إليه للمدلول ، وإنما كان الحكم الذى هو أفعل كذا منسوبا بالمدلول أى : ومرتبطا به لما علمت أن مدلولها المتكلم المعبر عنه بالضمير ، وقد أخبر بذلك الحكم عن الضمير (قوله : إذ ليس المراد إلخ) علة لقوله ونقل إلخ أى : وإنما نقل عن أصله لما