١١ ـ ألستم خير من ركب المطايا |
|
وأندى العالمين بطون راح |
مدحا ، بل قيل : إنه أمدح بيت قالته العرب ، ولو كان على الاستفهام الحقيقيّ لم يكن مدحا البتّة.
والثّالث : الإنكار ، التوبيخيّ ، فيقتضي أنّ ما بعدها واقع ، وأن فاعله ملوم ، نحو : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) [الصافات : ٩٥] ، (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) [الأنعام : ٤٠] ، (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) (٨٦) [الصافات : ٨٦] ، (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ) [الشعراء : ١٦٥] ، (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً) [النساء : ٢٠] ، وقول العجّاج [من الرجز] :
______________________________________________________
(ألستم خير من ركب المطايا |
|
وأندى العالمين بطون راح) (١) |
المطايا : جمع مطية وهي الدابة تمطو في سيرها أي تسرع ، وأندى : أسخى ، والراح : الأكف الواحد راحة ونسب السخاء إلى بطونها ؛ لأن العطاء كثيرا ما يكون بها ، (مدحا بل قيل : إنه أمدح بيت قالته العرب) على ما نقله ابن الشجري في أماليه ولو لا صراحته في المدح وعلوه في بابه لما ارتاح له الممدوح ، حتى قال : من أراد أن يمدحنا فليمدحنا بمثل هذا ، وأعطى جريرا على ذلك مائة من الإبل (ولو كان على الاستفهام الحقيقي لم يكن مدحا البتة) وهي بمعنى القول المقطوع ، قال الرضي : وكأن اللام فيها في الأصل للعهد أي القطعة المعلومة التي لا تردد فيها ، فالتقدير هنا أجزم بهذا الأمر وهو أنه لو كان على حقيقة الاستفهام لم يكن مدحا قطعة واحدة ، والمعنى أنه ليس فيها تردد بحيث أجزم ثم يبدو لي ثم أجزم به مرة أخرى فيكون قطعتين أو أكثر ، بل هو قطعة واحدة لا يثنى فيها النظر ، فالبتة بمعنى القطعة ، ونصبها نصب المصادر.
(والثالث الإنكار التوبيخي فيقتضي أن ما بعدها واقع وأن فاعله ملوم) نحو (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) [الصافات : ٩٥] ونحو (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) [الأنعام : ٤٠] ونحو (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) [الصافات : ٨٦] إفكا مفعول لأجله والتقدير : أتريدون آلهة دون الله إفكا ، وإنما قدم على الفعل والمفعول اعتناء بشأنه ؛ لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم ، ويجوز أن يكون إفكا مفعولا به أي أتريدون إفكا ثم فسر بقوله : (آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) على أنها إفك في نفسها أو حالا أي أتريدون آلهة من دون الله آفكين ، ونحو (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً) [النساء : ٢٠] وإثما مبينا والبهتان : أن تستقبل الإنسان بأمر قبيح تقذفه [به] وهو برىء منه ؛ لأنه يبهت عند ذلك ، أي يتحير ، وانتصب بهتانا على الحال أي باهتين وآثمين (و) نحو : (قول العجاج) بجر قول
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، وهو لجرير في ديوانه ص ٨٥ ، والجنى الداني ص ٣٢ ، والأغاني ٨ / / ٩ ، وخزانة الأدب للحموي ٢ / ٣١٣.