وفاعلها على الحدّ المذكور في فاعل «حاشا» ، والجملة مستأنفة أو حاليّة ، على خلاف في ذلك ، وتقول «قاموا خلا زيدا» ، وإن شئت خفضت إلّا في نحو قول لبيد [من الطويل] :
٢٠٥ ـ ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل |
|
[وكلّ نعيم ـ لا محالة ـ زائل] |
وذلك لأن «ما» في هذه مصدرية ؛ فدخولها يعيّن الفعليّة ، وموضع «ما خلا» نصب ، فقال السيرافي : على الحال كما يقع المصدر الصريح في نحو : «أرسلها العراك» ؛
______________________________________________________
وخلاك ذم ، (وفاعلها) أي : فاعل خلا المتعدي الناصب للمستثنى (على الحد المذكور في فاعل حاشا) فيكون من جملة المجوزات عنده أن يكون الفاعل ضميرا عائد إلى البعض ، أي : قام القوم خلا بعضهم زيدا ، وقد تقدم البحث فيه (والجملة) الاستثنائية المذكورة (مستأنفة أو حالية) ينبىء هذا الاحتمال فيها (على خلاف في ذلك) مذكور في الباب الثاني ، (وتقول : قاموا خلا زيدا) بنصب زيد (وإن شئت خفضت) ، فقلت : خلا زيدا (إلا في نحو قول لبيد) رضي الله تعالى عنه :
(ألا كل شيء ما خلا الله باطل) |
|
وكل نعيم لا محالة زائل (١) |
الباطل الذاهب الفاني وهو مأخوذ من قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] فهنا يجب نصب المستثنى ، (وذلك ؛ لأن ما هذه مصدرية فدخولها يعين الفعلية) المقتضية للنصب وينفي الحرفية المقتضية للجر ، (وموضع ما خلا نصب ، فقال السيرافي : على الحال) من الفاعل مثلا في قولك : قام القوم ما خلا زيدا ، والمعنى متجاوزين زيدا ، فإن قيل : الحال نكرة والمصدر المسبوك المحكوم له بالتعريف (كما يقع المصدر الصريح) المقترن بأداة التعريف (في نحو : أرسلها العراك) حالا يشير إلى قول لبيد يصف حمارا وأتنه :
ولم يشفق على نغص الدخال |
|
فأرسلها العراك ولم يذدها (٢) |
قال صاحب الصحاح العراك الدلك ويقال : أورد إبله العراك إذا أوردها جميعا ، ويذدها بإعجام الذال الأولى وإهمال الثانية أي : يطردها ونغص بالكسر نغصا إذا لم يتم مراده ، والدخال في الورد أن يشرب البعير ثم يرد من العطن إلى الحوض ويدخل بين بعيرين عطشانين لشرب ما عساه أن يكون قد فاته ، ولقائل أن يقول : لا يلزم من اغتفار مجيء الحال مقترنة بأل اغتفار
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص ٢٥٦ ، وجواهر الأدب ص ٣٨٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٥٥ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٢١ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٨٩.
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو للبيد في ديوانه ص ٨٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٩٢ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ٨٥ ، والإنصاف ٢ / ٨٢٢.