واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد «حتّى» إلا بثلاثة شروط : أحدها أن يكون حالا أو مؤوّلا بالحال كما مثّلنا ؛ والثاني أن يكون مسبّبا عمّا قبلها ، فلا يجوز : «سرت حتّى تطلع الشمس» ، ولا «ما سرت حتى أدخلها ، وهل سرت حتى تدخلها» ، أما الأوّل فلأن طلوع الشمس لا يتسبّب عن السير ، وأما الثاني فلأن الدخول لا يتسبّب عن عدم السير ، وأما الثالث فلأنّ السبب لم يتحقّق وجوده. ويجوز «أيّهم سار حتّى يدخلها» ، و «متى سرت حتّى تدخلها» لأن
______________________________________________________
وفائدة الحكاية تصوير تلك الحالة العجيبة الشأن ، واستحضار صورتها في مشاهدة السامع للتعجيب.
(واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط :
أحدها : أن تكون حالا أو مؤولا بالحال كما مثلنا) للقسمين معا ، فالحال الحقيقي كقولك في حال دخولك البلد : سرت حتى أدخلها ، والمؤول بالحال كالآية الشريفة : وزلزلوا حتى يقول الرسول في قراءة نافع.
(والثاني أن يكون مسببا عما قبلها) وذلك بأن يؤدي حصول مضمون ما قبلها إلى حصول مضمون ما بعدها ، سواء اتصل مضمون الأول بمضمون الثاني نحو : سرت حتى أدخلها الآن ، أو لم يتصل نحو : رأى زيد بالأمس مني شيئا حتى لا أستطيع أن أكلمه اليوم بشيء ، وإنما اشترط هذا الشرط ليحصل الربط معنى حيث فقد لفظا ، وذلك ؛ لأنه لما لم يتعلق ما بعدها بما قبلها لفظا زال الاتصال اللفظي ، فشرطت السببية الموجبة للاتصال المعنوي جبرا لما فات من الاتصال اللفظي ، (فلا يجوز سرت حتى تطلع الشمس ، ولا ما سرت حتى أدخلها وهل سرت حتى تدخلها.
أما الأول) وهو امتناع سرت حتى تطلع الشمس ؛ (فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير.
وأما الثاني) وهو امتناع ما سرت حتى أدخلها ؛ (فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير) وعلى هذا ، فإن قلت : قلما سرت حتى أدخلها فإن أردت الحكم بوقوع سير قليل جاز الرفع ، قال الرضي : ولكن على ضعف لإجرائهم ذلك في اللفظ مجرى النفي المصرح به ، وإن أردت به النفي الصرف وهو الأغلب في كلامهم امتنع الرفع.
(وأما الثالث) وهو امتناع هل سرت حتى تدخلها ؛ (فلأن السبب) وهو السير (لم يتحقق وجوده) فهو غير محكوم بثبوته جزما ، بل هو مشكوك فيه ، فكيف يمكن الحكم على سبيل الجزم بحصول مسببه وهو الدخول ، (ويجوز أيهم سار حتى يدخلها ، ومتى سرت حتى تدخلها ؛ لأن