ولا موضع لها على هذا ، وعلى الأول فهي بدل من (كِتابٌ) [النمل : ٢٩] على أنه بمعنى : مكتوب ، وعلى أن الخبر بمعنى الطلب ، بقرينة (وَأْتُونِي) [النمل : ٣١] ، ومثلها (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل : ٢٥] في قراءة التشديد ، ولكن «أن» فيها الناصبة ليس غير ، و «لا» فيها محتملة للنفي ؛ فتكون «ألا» بدلا من (أَعْمالَهُمْ) [النمل : ٢٤] أو خبرا لمحذوف ، أي : أعمالهم ألّا يسجدوا ، وللزيادة فتكون (أَلَّا) [النمل : ٢٥] مخفوضة بدل من (السَّبِيلِ)
______________________________________________________
من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ ، السّلام على من اتبع الهدى أما بعد : فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين ، (ولا موضع لها على هذا ، وعلى الأول) وهو أن تكون أن ناصبة ولا نافية (فهي) مع ما دخلت عليه في محل رفع (بدل من كتاب على أنه بمعنى مكتوب) على أنه مصدر كأنه قيل : ألقي أن لا تعلوا علي ، (وعلى أن الخبر بمعنى الطلب) أي هذا وإن كان خبرا بمعنى انتفاء العلو فهو بمعنى النهي ، أي : لا تعلو علي (بقرينة وأتوني) مسلمين ، ويجوز أن يكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أن لا تعلوا علي أجازه أبو البقاء ، قلت : وأن على هذا هي الناصبة ولا النافية والخبر بمعنى الطلب كما مر ، وقيل : هو على حذف الجار أي بأن لا تعلو فيختلف في محله أهو نصب أم جر أم يجوز الأمران على ما هو معروف؟ فإن قلت : بما ذا يتعلق هذا الجار المحذوف؟ قلت : يجوز أن يتعلق بألقي والباء للظرفية أي ألقي إلي في هذا المعنى ، ويجوز أن يكون ظرفا مستقرا في محل الحال من النائب والباء للمصاحبة ، أي : ألقي إليّ كتاب كريم حال كونه ملتبسا بالنهي عن العلو على سليمان عليهالسلام والأمر بإتياننا إليه مسلمين ، أو في محل رفع صفة ثانية لكتاب أي كتاب كريم ملتبس بذلك.
(ومثلها) ألا المشددة في قوله تعالى : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ ٢٤ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) (٢٥) [النمل : ٢٤ ـ ٢٥] (في قراءة التشديد) وهي قراءة الجماعة إلا الكسائي فإنه قرأ بالتخفيف على أن ألا حرف تنبيه ، أي ويا حرف نداء والمنادى محذوف ، أي : يا قوم اسجدوا ، (لكن أن فيها الناصبة ليس غير) وفي بعض النسخ لا غير ، وسيصرح المصنف في حرف الغين المعجمة بأن التعبير بذلك لحن ، وستمر بك مواقع وقعت له من هذا النمط الذي ادعى أنه لحن ، وننبه على كل في محله إن شاء الله تعالى ، (ولا فيها محتملة للنفي فتكون ألا) يسجدوا في محل نصب (بدلا من أعمالهم) ، أي : فزين لهم الشيطان أن لا يسجدوا ، وما بين البدل والمبدل منه معترض (أو) في محل رفع (خبر لمحذوف) كما أجازه أبو البقاء ، والتقدير : هي أن لا يسجدوا (أي : أعمالهم أن لا يسجدوا) محتملة (الزيادة فتكون إلا مخفوضة بدلا من السبيل) فيكون المعنى : فصدّهم عن السجود لله ، وقوله : فهم لا يهتدون معترض