والثاني : أنه
لا يوصف بها إلا حيث يصحّ الاستثناء ، فيجوز «عندي درهم إلّا دانق» لأنه يجوز إلّا
دانقا ، ويمتنع «إلّا جيد» ، لأنه يمتنع إلا جيدا ، ويجوز «درهم غير جيد» قاله
جماعات. وقد يقال إنّه مخالف لقولهم في (لَوْ كانَ فِيهِما
آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) [الأنبياء : ٢٢] ، ولمثال سيبويه «لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا».
وشرط ابن
الحاجب في وقوع «إلّا» صفة تعذر الاستثناء ، وجعل من الشاذّ قوله [من الوافر] :
______________________________________________________
حرف المضارعة من تأثم ، وأبدل الهمزة ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة ، وقدم
جواب لو فاصلا بين الخبر المقدم وهو الجار والمجرور والمبتدأ المؤخر وهو أحد
المحذوف ، وكذا قالوا في الظرف أيضا كقوله تعالى : (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) [الجن : ١١] ، وقوله : ما في القوم دون زيد أي أحد دون زيد.
(والثاني أنها لا يوصف بها إلا حيث يصح الاستثناء فيجوز
: عندي درهم إلا دانق) بكسر النون وفتحها وهو سدس الدرهم ، ويقال أيضا داناق بألف بعد النون ؛ (لأنه يجوز إلا دانقا) بالنصب على الاستثناء لدخول الدانق في الدرهم (ويمتنع إلا جيد) بالرفع على الوصف ؛ (لأنه يمتنع
إلا جيدا) بالنصب على
الاستثناء ؛ لعدم شمول الدرهم المنكر في سياق الإثبات للجيد وغير الجيد ، فلا عموم
فلا استثناء ، (ويجوز) عندي (درهم غير جيد) برفع غير على الوصف ؛ مع عدم صحة الاستثناء ؛ ففارقت
إلا في ذلك (قاله جماعات) منهم ابن مالك وغيره.
(وقد يقال : إنه مخالف لقولهم في : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ
لَفَسَدَتا) [الأنبياء
: ٢٢] الآية ولمثال سيبويه لو كان معنى رجل إلا زيد لغلبنا) فإنهم صرحوا بأن إلا فيهما للصفة مع تعذر الاستثناء لما
عرفت ، فإن قلت : إذا جاز وقوع إلا بمعنى غير في مثال المصنف : عندي درهم إلا دانق
فالمخبر عنه درهم كامل ، والوصف مؤكد إذ كل درهم موصوف بأنه غير دانق ، وإذا كان
كذلك انتقض ما قرره أولا من قاعدته القائلة متى طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف
مخصص ؛ فإن ما بعد إلا في المثال المذكور وهو دانق مطابق لموصوفها وهو درهم ،
باعتبار أن كلا منهما مفرد ، قلت : لما كان الدرهم في معنى قولك : ستة دوانق لم
يقع ذلك التطابق معنى ، (وشرط ابن الحاجب في وقوع إلا صفة تعذر الاستثناء) كما في الآية ومثال سيبويه (وجعل من الشاذ قوله :