وقراءة أبي السمال (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) [البقرة : ١٠٠] بسكون واو «أو» ، واختلف في (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧) [الصافات : ١٤٧] ، فقال الفرّاء : بل يزيدون ، هكذا جاء في التفسير مع صحّته في العربيّة ، وقال بعض الكوفيّين : بمعنى الواو ؛ وللبصريّين فيها أقوال ، قيل : للإبهام ، وقيل : للتّخيير ، أي : إذا رآهم الرائي تخيّر بين أن يقول هم مائة ألف ، أو يقول هم أكثر ، نقله ابن الشجري عن سيبويه ، وفي ثبوته عنه نظر ؛ ولا يصحّ التخيير بين شيئين الواقع أحدهما ؛
______________________________________________________
العيال جمع عيل بتشديد الياء وهو من عاله غيره يعوله إذا أنفق عليه وقام بمصالحه ، برمت بكسر الراء ضجرت والاستثناء مفرغ بالنسبة إلى الأحوال أي : لم أحص عدتهم إلا في حال كوني مستعينا بعداد ، وهذا كناية عن الكثرة ، وأو في البيت الثاني للإضراب مع فقد ما اشترطه سيبويه ، فهي ظاهرة في الاحتجاج ، (وقراءة أبي السمال (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) [البقرة : ١٠٠] بسكون الواو) لا بفتحها كما في القراءة المشهورة فأو هنا للإضراب كبل ، والذي قبل هذا الكلام قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) (٩٩) [البقرة : ٩٩] فإذا لم يتوفر الشرطان اللذان اعتبرهما سيبويه.
(واختلف في) قوله تعالى : ((وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧) [الصافات : ١٤٧] فقال الفراء) المعنى (بل يزيدون ، هكذا جاء في التفسير مع صحته في العربية) ، قال الرضي : وإنما جاز الإضراب في كلامه تعالى ؛ لأنه أخبر عنهم بناء على ما يحزر الناس من غير تحقيق مع كونه تعالى عالما بعددهم أنهم يزيدون ، ثم أخذ تعالى في التحقيق مضربا عما يغلط فيه الناس ، بناء على ظاهر الحزر أي : أرسلنا إلى جماعة يحزرهم الناس مائة ألف وهم كانوا زائدين على ذلك ، وكذا قوله تعالى : (كَلَمْحِ الْبَصَرِ) [النحل : ٧٧] أو هو أقرب.
(وقال بعض الكوفيين) أو في هذه الآية (بمعنى الواو) أي : إلى مائة ألف ويزيدون وانظر هذا العطف كيف هو ، (وللبصريين فيها أقوال قيل : للإبهام) على السامع ، (وقيل : للتخيير أي : إذا رآهم الرائي تخير) لشدة كثرتهم (بين أن يقول : مائة ألف أو يقول هم أكثر) من مائة ألف (نقله ابن الشجري عن سيبويه وفي ثبوته عنه نظر) ، ولا يتأتي أن يكون وجه النظر أنها إنما تكون للتخيير بعد الطلب على ما تقدم ولا طلب هنا ؛ لأن النزاع في هذا الشرط مأثور فلعل سيبويه ممن لا يعتبره ، والظاهر أن المصنف أشار إلى وجه النظر بقوله : (ولا يصح التخيير بين شيئين الواقع أحدهما) فإن حال هؤلاء المرسل إليهم دائر بين أمرين فإما أن يكونوا مائة ألف وإما أن يكونوا أزيد من ذلك ، فإن كانوا في الواقع مائة ألف فكيف يسوغ للرائي أن يخبر بأنهم أزيد؟ وإن كانوا أزيد فكيف يسوغ الإخبار بأنهم مائة ألف؟ ولقائل أن يقول : لصاحب هذا الرأي أن لا