فأما الداخلة على «وليد» في البيت فللمح الأصل ، وقيل : «أل» في «اليزيد» و «العمرو» للتعريف ، وإنهما نكّرا ثم أدخلت عليهما «أل» ، كما ينكّر العلم إذا أضيف كقوله [من الطويل] :
٧٠ ـ علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم |
|
[بأبيض ماضي الشّفرتين يمان] |
______________________________________________________
ولا يخفى أن عمرا علم منقول ، إذا العمر بالفتح لغة في العمر إلا أنه لا يكاد يستعمل إلا في القسم قال الله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٢) [الحجر : ٧٢] ، وهو أيضا واحد عمور الأسنان وهو اللحم الذي بينها والعمر أيضا الشنف ، والنخل الطويل ، فهذا العلم منقول من أحد هذه الأشياء ، ولا شك أنه صالح للألف واللام فيمكن أن يلمح أصله وتدخل عليه الأداة ؛ لكن فارق الأول في أن ذلك واقع في السعة ، وهذا إنما وقع في الشعر ، وأعباء الخلافة أحمالها جمع عبء بالكسر وهو الحمل ، وهذه استعارة تحقيقية شبه أمور الخلافة وما يحتاج إليه فيها من سداد النظر وحسن السياسة والقيام بمصالح الأمور بالأحمال الثقيلة ، التي لا ينال الغرض منها إلا بعد نقلها من المحل التي هي مطروحة فيه ، والكاهل ما بين الكتفين ويقال له : الحارك وشدته بحيث يحمل تلك الأعباء ، كناية عن كفاية الممدوح للإمامة العظمى ، وأهليته لها وهذا أحد خلفاء بني أمية وهو الوليد بن اليزيد بن عبد الملك.
حكى المارودي في كتاب «أدب الدنيا والدين» أن الوليد هذا تفاءل يوما في المصحف فخرج له قوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (١٥) [إبراهيم : ١٥] فمزق المصحف وأنشد :
تهدد كل جبار عنيد |
|
فها أنا ذاك جبار عنيد |
إذا ما جئت ربك يوم حشر |
|
فقل يا رب مزقني الوليد (١) |
فلم يلبث إلا أياما ثم قتل شر قتلة وعلقت رأسه على قصره ، ثم على سور بلده نسأل الله السلامة والعافية ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيآت أعمالنا.
(فأما الداخلة على وليد في البيت) الثاني (فللمح الأصل ، وقيل : أل في اليزيد والعمرو للتعريف وإنهما نكرا ثم أدخلت عليهما أل) فليست الأداة فيهما زائدة ، (كما ينكر العلم إذا أضيف كقوله :
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم |
|
بأبيض ماضي الشفرتين يماني (٢) |
__________________
(١) البيت من البحر الوافر ، انظر الأغاني ٧ / ٦٠.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٨٩.