المخبر عنه بلفظ الكون ، تقول : «هذا زيد» ، وإن شئت : «هذا كائن زيدا» إذ معناهما واحد ، وزعم السهيلي أن الذي يؤوّل بالمصدر إنما هو «أن» الناصبة للفعل لأنها أبدا مع الفعل المتصرّف ، و «إنّ» المشدّدة إنما تؤوّل بالحديث ، قال : وهو قول سيبويه ، ويؤيّده أنّ خبرها قد يكون اسما محضا ، نحو : «علمت أنّ الليث الأسد» ، وهذا لا يشعر بالمصدر ، انتهى. وقد مضى أن هذا يقدّر بالكون.
______________________________________________________
المخبر عنه بلفظ الكون ، تقول : هذا زيد وإن شئت هذا كائن زيدا ومعناهما واحد) ، وقدره الرضي بقولك : بلغني زيديتك ؛ فإن ياء النسب إذا لحقت آخر الاسم وبعدها هاء التأنيث أفادت معنى المصدر نحو الفرسية والضاربية والمضروبية.
(وزعم) أبو القاسم (السهيلي) صاحب «الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية (أن الذي يؤول بالمصدر إنما هو أن الناصبة للفعل ؛ لأنها أبدا مع الفعل المتصرف ، وأن المشددة إنما تؤول بالحديث) ، فإن قلت : بلغني أن زيدا قائم فالمعنى بلغني هذا الحديث ، (قال : وهو قول سيبويه ، ويؤيده أن خبرها قد يكون اسما محضا) يعني : جامدا (نحو : علمت أن الليث الأسد ، وهذا لا يشعر بالمصدر اه) كلامه ، (وقد مضى أن هذا يقدر بالكون) فلا تخرج بذلك عن المصدرية ، وذلك تأويله بالأسدية فيفيد معنى المصدر كما مر.
وهنا تنبيهات الأول ما أسلفه المصنف في صدر الكلام من إفادة أن المفتوحة للتوكيد هو الذي نص النحويون عليه ، واستشكله بعضهم بأنك لو صرحت بالمصدر المنسبك لم يفد توكيدا قال ابن القاسم : وليس هذا الاستشكال بشيء.
التنبيه الثاني كون أن المفتوحة فرع المكسورة هو الأصح كما تقدم ، وهو مذهب سيبويه والفراء ، وذهب إليه المبرد وابن السراج وعليه الجمهور ، وقيل : إن المفتوحة أصل المكسورة ، وقيل هما أصلان.
واستدل الأول بأوجه منها : أن الكلام مع المكسورة جملة غير مؤولة بمفرد بخلاف المفتوحة ، والأصل أن يكون المنطوق به جملة من كل وجه ، أو مفردا من كل وجه.
ومنها : أن المكسورة مستغنية بمعموليها عن زيادة بخلاف المفتوحة.
ومنها : أن المفتوحة تصير مكسورة بحذف ما يتعلق به كقولك في عرفت : أنك بر إنك بر ، ولا تصير المكسورة مفتوحة إلا بزيادة والمرجوع إليه بحذف أصل.
ومنها : أن المكسورة تفيد معنى واحدا وهو التوكيد ، والمفتوحة تفيده وتعلق ما بعدها بما قبلها ، فكانت فرعا.