وهذا وهم فاحش ، لأنّ حروف الجرّ ـ زائدة كانت أو غير زائدة ـ لا تدخل إلّا على الاسم أو ما في تأويله.
تنبيه ـ ذكر بعض الكوفيّين وأبو عبيدة أنّ بعضهم يجزم بـ «أن» ، ونقله اللّحياني عن بعض بني
______________________________________________________
وهذا) الذي أجاب به أبو حيان من احتمال الباء للزيادة في ذلك (وهم فاحش) والوهم بفتح الهاء مصدر وهم بكسر الهاء يوهم بفتحها إذا غلط ، قال القرطبي في المفهم حكاية عن ثعلب : إنه يقال : وهمت في الحساب وغيره أوهم أي غلطت أغلط ، وعلى هذا فمصدره الوهم بالفتح ؛ لأن فعل بفتح العين مصدر قياسي بفعل اللازم المكسور العين من غير الألوان كفرح فرحا وجوي جوى وفي «الصحاح» : وهمت في الحساب بالكسر أوهم وهما إذا أغلطت فيه وسهوت ، وظاهر هذا اختصاصه بالغلط في الحساب ، وأما الوهم بإسكان الهاء فمصدر قولك : وهمت في الشيء بالفتح وهم بذلك إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره ، وهذا المعنى ليس مرادا هنا ، وقد قال المصنف في الباب الثاني من الكتاب في أثناء الكلام على الجمل التي لها محل من الإعراب ، وهي الواقعة مفعولا حيث تكلم على المسألتين ؛ (لأن حروف الجر زائدة كانت أو غير زائدة لا تدخل إلا على الاسم أو ما في تأويله) وإذا جعلت في مثال سيبويه المتقدم تفسيرية كما ادعاه أبو حيان كانت الباء الجارة داخلة على غير اسم ، ولا ما هو في تأويل الاسم ، قلت : ويجب أن يخصص هذا بما إذا كانت حروف الجر غير مكفوفة ، وإلا فالمكفوفة تدخل على غير الاسم ولا ما هو في تأويله ، وبعد هذا كله فأنا أقول : لم يقم دليل للجماعة على أن الموصولة بالماضي والأمر هي الناصبة للمضارع ، لا سيما وسائر الحروف الناصبة لا تدخل على غير المضارع ، فادعاء خلاف ذلك في أن من بين أدوات النصب خروج عن النظائر من غير داع إليه ، ولا دليل لهم أيضا على أن التي يذكر بعدها فعل الأمر أو النهي موصول حرفي ، إذ كل موضع تقع فيه كذلك محتمل لأن تكون تفسيرية أو زائدة.
فالأول نحو : أرسلت إليه أن قم أو لا تقم ، ومنه (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) [نوح : ١].
والثاني نحو : كتبت إليه بأن قم أو بأن لا تقم فأن فيه زائدة ، زيدت لكراهة دخول حرف الجر على الفعل في الظاهر والمعنى كتبت إليه بقم أو بلا تقم ، أي : بهذا اللفظ وإنما دخلت في التحقيق على ما هو اسم ، وقد ذكرت ذلك في شرح التسهيل.
(تنبيه : ذكر بعض النحويين وأبو عبيدة) بصيغة التصغير وهاء تأنيث في آخره (أن بعضهم) أي بعض العرب (يجزم بأن ونقله اللحياني) بكسر اللام وسكون الحاء المهملة (عن بعض بني