الثاني : أنهما لم يقعا فاعلا ولا مفعولا ، لا يصح «أعجبني أن قم» ، ولا «كرهت أن قم» كما يصح ذلك مع الماضي ومع المضارع.
والجواب عن الأول أن فوات معنى الأمرية في الموصولة بالأمر عند التقدير بالمصدر كفوات معنى المضيّ والاستقبال في الموصولة بالماضي والموصولة بالمضارع عند التقدير المذكور ، ثم إنه يسلّم مصدريّة «أن» المخفّفة من المشددة مع لزوم مثل ذلك فيها في نحو : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) [النور : ٩] ، إذ لا يفهم الدّعاء من المصدر إلّا إذا
______________________________________________________
الدليل (الثاني : أنهما لم يقعا فاعلا ولا مفعولا) والمصدرية الموصولة بغير الطلب يصح وقوعها مع صلتها فاعلا نحو أعجبني أن أحسنت وأن تحسن ، ومفعولا نحو كرهت أن أساءت وأن تسيء بخلاف الموصولة بالطلب فإنه لا يصح فيها ذلك ، ألا ترى أنه (لا يصح أعجبني أن قم ولا كرهت أن قم كما يصح ذلك مع الماضي ومع المضارع كما مثلناه) والجواب عن الأول أن فوات معنى الأمرية في الموصولة بالأمر عند التقدير بالمصدر كفوات معنى المضي والاستقبال في الموصولية بالماضي نحو أعجبني أن قمت (والموصولة بالمضارع) نحو أعجبني أن تقوم (عند التقدير المذكور) وذلك أنك إذا أولت بالمصدر فيهما فقلت : أعجبني قيامك فات معنى المضي والاستقبال ، كما أنك إذا أولت بالمصدر في قولك : كتبت إليه بأن قم ، فقلت : كتبت إليه بالقيام فات معنى الأمر فكما أنه لا يضر فوات ما دلت عليه الصيغة في الأول لا يضر في الثاني ، ولا فرق.
قلت : ولأبي حيان أن يفرق بأن الدلالة على الزمن عند السبك بالمصدر لم تفت بالكلية ، والفائت إنما هو الدلالة الوضعية فقط ، وإلا فمعنى الزمن مدلول عليه التزاما ضرورة أن الحدث لا بدله من زمان ، بخلاف معنى الأمر فإنه فات بالكلية ، ولا يلزم من اغتفار الأول اغتفار الثاني ، على أنا نقول : الموصولة بالأمر والنهي عند التأويل بالمصدر إنما تؤول بمصدر مأخوذ من المادة التي تدل على الطلب ، فإذا قلت : كتبت إليه بأن قم أو بأن لا تقم فالمعنى : كتبت إليه بالأمر بالقيام أو بالنهي عنه ، فإنما فات الدلالة بالصيغة فقط ، وعلى ذلك جرت عادة الزمخشري في مواضع من «الكشاف» وصرح به في سورة نوح فقال في قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) [نوح : ١] فقال : إن الناصبة للفعل أي : إنا أرسلناه بأن أنذر أي : بأن قلنا له : أنذر أي بالأمر بالإنذار (ثم إنه) أي : أبا حيان (يسلم مصدرية أن المخففة من المشددة مع لزوم مثل ذلك فيها في نحو (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) [النور : ٩]) على قراءة نافع بتخفيف النون وكسر الضاد ، فالفعل دعائي وعند التأويل بالمصدر يفوت معنى الدعاء ؛ (إذ لا يفهم الدعاء من المصدر إلا إذا