فجعله من باب : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١)) أى : على القول (بالإبدال من الضمير) يعنى : قدر أن أصل : رجل جاءنى : جاءنى رجل على أن رجل ليس بفاعل ، بل هو بدل من الضمير فى جاءنى ؛ كما ذكر فى قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أن الواو فاعل ، و (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل منه ، وإنما جعله من هذا الباب (لئلا ينتفى التخصيص ؛ إذ لا سبب له) أى : للتخصيص (سواه) أى : سوى تقدير كونه مؤخرا فى الأصل على أنه فاعل معنى ، ...
______________________________________________________
منه أعنى قوله : وإلا فلا يفيد إلا التقوى ؛ لأن المستثنى منه المذكور لم يوجد فيه الشرطان بخلاف هذا فقد وجدوا فيه على ما قرره السكاكى ؛ لأنه إذا أخر كان فاعلا معنى عنده ؛ لأنه بدل من الضمير ، وحينئذ فلا وجه للتعبير بالاستثناء ، وأجيب بأن التعبير بالاستثناء نظرا للظاهر من أن الفعل عند التأخير للنكرة يكون مسندا للظاهر لا للضمير ، وإن كان فى الحقيقة ليس استثناء أصلا إذ النكرة موجود فيها الشرطان غاية الأمر أنه تأويل ، ثم إن المراد بالمنكر الذى استثناه السكاكى المنكر الذى لا يفيد الحكم عليه حال تنكيره وهو الخالى عن مسوغ للابتداء به ؛ لأنه المحتاج إلى اعتبار التخصيص ، وأما المنكر الذى يصح الحكم عليه بدون اعتبار التقديم والتأخير نحو : بقرة تكلمت ، وكوكب انقض الساعة ، و (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)(٢) فلا حاجة لاعتبار التخصيص فيه بالتقديم والتأخير ولا بغيره (قوله : تجعله من باب وأسروا النجوى إلخ) أى : فجعله من باب الذين ظلموا فى قوله تعالى (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أى : أنه جعله مثله فى أنه بدل من الضمير (قوله : على القول بالإبدال إلخ) أى أنه جعله مثله على أحد الأقوال فى إعراب الآية ، وهو أن الذين بدل من الواو ، وأما على القول بأن الذين ظلموا مبتدأ ، وأسروا خبر مقدم ، وكذا على جعل الذين فاعلا ، والواو فى أسروا : حرف زيد ليؤذن من أول وهلة أن الفاعل جمع ، وكذا على جعل الذين خبر مبتدأ محذوف أى : هم أو نصبا على الذم فلا يكون المنكر مثل : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (قوله : وإنما جعله) أى : المنكر ، من هذا الباب أى : باب وأسروا النجوى بتقدير كونه مؤخرا فى الأصل على أنه بدل ، فقدم لإفادة الاختصاص (قوله : لئلا ينتفى التخصيص)
__________________
(١) الأنبياء : ٣.
(٢) القيامة : ٢٢.