وهذا من عادة افتنان صاحب المفتاح ؛ حيث قال فى التأكيد للتقرير : وهاهنا لزيادة التقرير ، ومع هذا فلا يخلو عن نكتة وهى الإيماء إلى أن الغرض من البدل هو أن يكون مقصودا بالنسبة ، والتقرير زيادة ...
______________________________________________________
أن المراد منهما واحد ، وهذا لا ينافى أن البدل منظور له من حيث المزية التى فيه فكونه للتقرير لا ينافى كونه مقصودا بالنسبة ـ فتأمل ، قرره شيخنا العدوى.
واعلم أن قولهم المبدل منه فى حكم السقوط ليس بكلى كما قال الرضى ، بدليل عود الضمير إليه فى بدل البعض ، والاشتمال وأيضا فى بدل الكل قد يعتبر الأول فى اللفظ دون الثانى. اه. فنارى.
(قوله : وهذا) أى : التعبير هنا بهذه العبارة (قوله : من عادة افتنان) أى : تفنن والإضافة بيانية (وقوله : ومع هذا) أى : التفنن أى : ارتكابه فنين وطريقتين فى التعبير.
(قوله : وهى الإيماء) أى : الإشارة إلى أن البدل هو المقصود بالنسبة أى : والمبدل منه وصلة له ، وهذا الإيماء إنما حصل بذكر الزيادة ، فإنه يشعر بأن التقرير ليس مقصودا من البدل ، بل أمر زائد على المقصود منه ، فإن قلت : كون المبدل منه وصلة للبدل أن يكون المقرر هو الثانى ، لا الأول الذى هو المسند إليه ؛ لأن ما أتى به لأجل غيره فهو التابع المقرر لغيره ، والواقع بالعكس ، فإن البدل هو المقرر للمبدل منه ، أجيب بأن الثانى هو الذى تمت به فائدة الكلام ، وحصل به تمام الغرض فصار كأنه المقصود حقيقة حيث لم يتم المراد إلا به ، لا أنه هو المقصود بالذات حتى يكون الأول مقررا له ، بل هو المقرر للأول ويدل لذلك أن الكلام قد يكون بحيث لا يصح رفض الأول ، ولا يتم المعنى إلا به ومن هذا تعلم أن قولهم المبدل منه فى نية الطرح والرمى معناه أنه فى نية الطرح عن القصد الذى يتم به الغرض ، لا أنه مرفوض بالكلية ـ أفاده العلامة اليعقوبى.
فإن قلت : حيث كانت مخالفة السكاكى فى التعبير لنكتة لم يكن ذلك تفننا ؛ لأنه لم يتحد المراد من العبارتين ، إذ لا يكون تفننا إلا لو اتحد المراد منهما ، فالجواب أن جعل تلك المخالفة لأجل التفنن بالنظر لبادئ الرأى قبل ظهور تلك النكتة وإن كان فى الحقيقة ليس هناك تفنن أو يقال : إن جعل ذلك تفننا بالنظر لما قصده السكاكى ، وهذه النكتة غير مقصودة له ـ أفاده شيخنا العلامة العدوى.