من التركيب على قدر الحاجة) حذرا عن اللغو (فإن كان) المخاطب (خالى الذهن من الحكم والتردد فيه) أى : لا يكون عالما بوقوع النسبة أو لا وقوعها ، ولا مترددا فى النسبة ...
______________________________________________________
لتصور فيه التردد والإنكار بعد إلقاء الخبر لاحتمال أن يكون المخبر شاكا أو واهما ، فيصح التأكيد حينئذ ـ أفاده السيرامى.
(قوله : من التركيب) (من) بمعنى (في) أو المعنى ، فيقتصر على قدر الحاجة من المركبات (قوله : على قدر الحاجة) أى : على مقدار حاجة المخبر فى إفادة الحكم ولازمه ، أو حاجة المخاطب فى استفادتهما ، فلا يزيد ولا ينقص عن مقدارها.
(قوله : حذرا عن اللغو) أى : لأجل التباعد عنه وهو علة ليقتصر لا لقوله : فينبغى لاختلافهما فى الفاعل ؛ لأن فاعل ينبغى أن يقتصر أى : الاقتصار ، وفاعل الحذر هو المتكلم. إن قلت : اللغو هو الكلام الزائد الذى لا فائدة فيه ، فالتعليل حينئذ قاصر على عدم الزيادة وليس شاملا لعدم النقصان مع أن المدعى الشمول لهما ؛ لأن قوله على قدر الحاجة أى : بحيث لا يزيد ولا ينقص ، فالتعليل فيه قصور : أجيب بأنه ترك تعليل عدم النقص لعلمه بطريق المقايسة ، وكأنه قال : حذرا من اللغو ومن القصور ، أو المراد باللغو ما يشمل اللغو حقيقة وهو الزائد على قدر الحاجة وحكما وهو الكلام الناقص عن قدر الحاجة ؛ لأن الكلام إذا نقص عن قدر الحاجة كان غير مفيد فيكون فى حكم اللغو لعدم الاعتداد به لكونه غير مفيد للمقصود ، وهذا الجواب قد أشرنا إليه سابقا.
(قوله : فإن كان المخاطب خالى الذهن من الحكم إلخ) مقتضاه أنه إذا كان خالى الذهن من لازم الحكم وقصد المتكلم إفادته أنه يؤكد له وليس كذلك ، بل هو مثل خالى الذهن من الحكم ولعله تركه للعلم به بالمقايسة وقد علمت الكلام فى ذلك والمراد بالحكم الاعتقاد ولو غير جازم كما يأتى بيانه (قوله : أى لا يكون إلخ) تفسير لقوله خالى الذهن وقوله عالما بوقوع النسبة أو لا وقوعها تفسير للحكم ، فالمراد بالحكم هنا العلم بوقوع النسبة أو لا وقوعها أى : إدراك أنها واقعة أو ليست بواقعة وهو المسمى بالتصديق وبالإيقاع والانتزاع وبالإذعان (قوله : ولا مترددا فى أن النسبة إلخ) أشار به