.................................................................................................
______________________________________________________
الغالب اقتضى أن الإنشاء له نسبة ولا خارج لها أصلا يطابق أو لا يطابق ، وهذا خلاف التحقيق.
والتحقيق كما قال الشارح : إن الإنشاء له نسبة كلامية ونسبة خارجية تارة يتطابقان ولا يتطابقان تارة أخرى ، فنحو : هل زيد قائم ، وقم النسبة الكلامية للأول طلب الفهم من المخاطب ، وللثانى طلب القيام منه والنسبة الخارجة لهما الطلب النفسى للفهم فى الأول ، والقيام فى الثاني ، فإن كان الطلب النفسى ثابتا للمتكلم فى الواقع كان الخارج مطابقا للنسبة الكلامية ، وإن كان الطلب النفسى ليس ثابتا للمتكلم فى الواقع كان الخارج غير مطابق ، ونحو : بعت الإنشائى نسبته الكلامية إيجاد البيع المفهوم من اللفظ والخارجية الإيجاد القائم بنفس المتكلم ، فإن كان الإيجاد ثابتا للمتكلم فى الواقع كان مطابقا ، وإلا فلا ، ومما يدل على أن الإنشاء له نسبة خارجية تطابقه أو لا تطابقه ، أن النسبة بين كل أمرين فى الواقع ، إما ثبوتية أو سلبية على طريق الحصر العقلى ، وإلا لزم ارتفاع النقيضين أو اجتماعهما ، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ، والنسبة بين الأمرين فى الواقع نسبة خارجية ، وهى إما : مطابقة للنسبة المفهومة من الكلام أولا ، فعلم من هذا أن النسبة الكلامية والخارجية والمطابقة وعدمها أمور لا بد منها فى الخبر والإنشاء ، والفارق بينهما إنما هو القصد وعدم القصد ، فالخبر لا بد فيه من قصد المطابقة أو قصد عدمها ، والإنشاء ليس فيه قصد للمطابقة ولا لعدمها ، وهذا محصل ما أشار له الشارح بقوله : وتحقيق ذلك إلخ ، ويمكن تمشية كلام المصنف عليه بأن يجعل فى قوله : فى جانب الخبر إن كان لنسبته خارج تطابقه أى : يقصد مطابقتها له أو يقصد عدم مطابقتها له فخبر ، وقوله وإلا فإنشاء أى : وإلا يكن لنسبته خارج تقصد مطابقته أو عدم مطابقته فإنشاء ، ويجعل النفى منصبا على القيد الأخير أعنى : تقصد مطابقته ، فكأنه قيل : وإن كان لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ، لكن لم يقصد فإنشاء وفيه بحث ؛ لأنه لا خبر يقصد به عدم مطابقة نسبته ؛ لأن الخبر وضع للمطابقة ، وأما عدمها وهو الكذب فلا دلالة للفظ عليه ، وإنما هو احتمال عقلى كما يأتي.