وما أشبه ذلك مما لا بد منه فى تأدية أصل المعنى ، وكذا المحسنات البديعية من التجنيس ، والترصيع ، ونحوهما مما يكون بعد رعاية المطابقة ، ...
______________________________________________________
عند الفك أيضا ، كما فى قوله : (الحمد لله العلى الأجلل (١)) وحينئذ فالأولى إسقاطهما ، وقد يقال المراد بالمعنى فى قوله مما لا بد منه فى تأدية أصل المعنى ، المعنى المأخوذ من اللفظ الجارى على طريقة الوضع والقانون الأصلى ، والمعنى المستفاد عند الفك ليس مأخوذا من اللفظ الجارى على طريقة الوضع ، وكذا يقال فى الإعلال (قوله : وما أشبه ذلك مما لا بد إلخ) أى : وذلك كالجمع والتصغير والنسبة ، فإن هذه الأحوال إنما تعرف من التصريف أو من النحو ، واعترض بأن هذا يتناول أحوال اسم الإشارة من كونه للقريب تارة ولغيره أخرى ، مع أن هذه إذا اقتضاها الحال كانت من علم المعاني ، ويجاب بأن المراد مما لا بد منه فى تأدية أصل المعنى من حيث أنه يؤدى به أصل المعنى ، فعلم اللغة يبحث عنها أى : عن أحوال اسم الإشارة من حيث إنه يؤدى بها أصل المعنى ، علم المعانى يبحث عنها من حيث إنها مطابقة لمقتضى الحال ، فإذا أشار المتكلم بذا : الموضوعة للقريب ؛ استفيد أن المتكلم قصد القرب لاقتضاء الحال إياه ، وإذا أشار بذلك التى للبعيد : استفيد أن المتكلم قصد البعد لاقتضاء الحال إياه ، فالبحث عن هذه الأحوال التى لاسم الإشارة من حيث إفادتها أن المتكلم يقصدها لاقتضاء الحال إياها من علم المعاني ، وكان ينبغى للشارح أن يقيد بهذه الحيثية ليندفع ما ذكر ، إلا أن يقال هى مرادة له ، والمراد يدفع الإيراد على ما فيه من خلاف (قوله : وكذا المحسنات البديعية) أى : إذا
__________________
(١) صدر بيت للفضل بن قدامة العجلى أبو النجم من بنى بكر بن وائل ، من أكابر الرجّاز ، ومن أحسن الناس إنشادا ، نبغ فى العصر الأموي ، وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان وولده هشام ، توفى سنة (١٣٠ ه) [الأعلام ٥ / ١٥١].
وعجز البيت : " الواحد الفرد القديم الأزليّ" ويروى العجز : الواسع الفضل الوهوب المجزل" وانظر معاهد التنصيص (١ / ١٩). والبيت فيه شاهد نحوى فى قوله : " الأجلل" حيث فك الإدغام وقياس نظائره يقتضى الإدغام ولو أنه أتى به على ما يقتضيه القياس لقال" الأجلّ" بتشديد اللام. أوضح المسالك ٤ / ٣٦٧. وهو عند البلاغيين من عيوب الفصاحة لمخالفة القياس. انظر جواهر البلاغة لأحمد الهاشمى ص ١٥.