وإن كان صحيح الإعراب (عند البلغاء ـ بأصوات الحيوانات) التى تصدر عن محالها بحسب ما يتفق من غير اعتبار اللطائف والخواص الزائدة على أصل المراد (وبينهما) أى : بين الطرفين (مراتب كثيرة) متفاوتة بعضها أعلى من بعض بحسب تفاوت المقامات ، ...
______________________________________________________
بالدون ما كان أنزل ولو بواسطة ، وأما لو أردنا به ما كان تحته ملاصقا له فلا يرد. تأمل ، وعرف الحيوانات إشارة إلى أن المراد بها غير الإنسان.
(قوله : وإن كان صحيح الإعراب) لو قال وإن كان فصيحا لكان أحسن ليعلم منه ما ذكره بالطريق الأولى ؛ لأنه إذا التحق بأصوات الحيوانات مع الفصاحة فأحرى أن يلتحق بها عند عدم الفصاحة مع صحة الإعراب بخلاف ما ذكره ، فإنه ربما يوهم أنه إذا كان فصيحا لا يلتحق بأصوات الحيوانات ؛ لأن الفصاحة أرقى إن قلت : إنه إنما ذكر ذلك ليلائم قوله فيما سبق له فى قول المصنف : وارتفاع شأن الكلام إلخ ، حيث قال : وأراد بالكلام : الكلام الفصيح ، فإنه يقتضى أن فيه حسنا فلا يلتحق بأصوات الحيوانات. قلت المراد هنا بالتحاق الكلام بتلك الأصوات من جهة عدم مراعاة اللطائف والخصوصيات ، وهذا صادق مع ثبوت الحسن بالفصاحة. فتأمل.
(قوله : التى تصدر عن محالها) أى : أصحابها ، وهى الحيوانات (قوله : بحسب ما يتفق) ما مصدرية ، وقوله بحسب متعلق بتصدر أى : التى تصدر من أصحابها بحسب اتفاق الأصوات وحصولها بلا علة مقتضية لها ، أو موصولة أى : بحسب ما يتفق معها من الأمور التى لا تقتضيها ، وقوله من غير اعتبار اللطائف بيان للصدور بحسب الاتفاق فهو على حذف أى : التفسيرية ، وعطف الخواص على ما قبله مرادف ، وليس من ذلك أى : من الكلام الملحق بأصوات الحيوانات ترك مراعاة اللطائف فى مخاطبة البليد الذى لا يفهمها ، بل ذلك الترك مما يجب على البليغ مراعاته ؛ لأن ترك اللطائف حينئذ من اللطائف.
(قوله : متفاوتة) أى : فى البلاغة (قوله : بعضها أعلى من بعض) بيان للتفاوت ، وقوله بحسب : متعلق بمتفاوتة ، ثم إن تفاوت المقامات يتناول التفاوت بحسب الكم أى :