و (ما) لتأكيد معنى الكثرة ، والعامل فيه قوله : (يسمى ذلك) الوصف المذكور (فصاحة أيضا) كما يسمى بلاغة فحيث يقال : إن إعجاز القرآن من جهة كونه فى أعلى طبقات الفصاحة يراد بها هذا المعنى (ولها) أى : لبلاغة الكلام (طرفان : أعلى وهو حد الإعجاز) ...
______________________________________________________
الظاهر أن يقول : كثيرة ، فالجواب : أن صفة المصدر لا يجب تأنيثها لتأنيثه ؛ لأنه مؤول بأن والفعل ، أو ما والفعل ، والفعل لا يؤنث ، أو أن التسمية لما كانت بمعنى الإطلاق ذكر الصفة نظرا لذلك ، ولعل الشارح إنما ترك التنبيه على ذلك الوجه لما ورد عليه مما علمت أو أن الانتصاب على الوصفية فى مثله معروف لا يحتاج إلى تعرض ، فلهذا أشار إلى وجه آخر من الإعراب (قوله : لتأكيد معنى الكثرة) أى : فهى زائدة للتأكيد (قوله : والعامل فيه) أى : فى الظرف (قوله : ذلك الوصف المذكور) أى : وهو المطابقة لمقتضى الحال.
(قوله : هذا المعنى) أى : المطابقة لمقتضى الحال ، ولا يرد على هذا أن بعض الآيات أعلى طبقات من بعض ؛ لأن أعلى طبقات البلاغة أيضا متفاوت (قوله : ولها طرفان) هذا إشارة إلى أن البلاغة تتفاوت باعتبار مراعاة تمام الخصائص المناسبة فى كل مقام وعدم مراعاة تمامها ، وأن لها بهذا الاعتبار مراتب ثلاثة فقوله ولها طرفان أى : مرتبتان.
إحداهما فى غاية الكمال ، والأخرى فى غاية النقصان.
ويلزم من ذلك أن يكون هناك مرتبة متوسطة بينهما ، والحاصل أن البلاغة أمر كلى لها ثلاث مراتب :
مرتبة عليا ، ولها فردان وسفلى وهى : فرد واحد ووسطى ، ولها أفراد ، وتعبير المصنف بالطرفين لتشبيهها بشىء ممتد له طرفان : استعارة بالكناية ، وقوله طرفان تخييل ، فعلم أنه ليس المراد حقيقة الطرفين ، وإلا لزم أن لا يكون الإنسان بليغا إلا بالإتيان بالطرفين مع أن ذلك لا يمكن لما يلزم عليه من التناقض (قوله : وهو حد الإعجاز) أى : مرتبته وإضافته للبيان ، ولا بد فى الكلام من تقدير مضاف أى : وهو ذو الإعجاز ؛ لأن