نصب على الظرفية ؛ لأنه من صفة الأحيان ...
______________________________________________________
دلالة المعنى الأول ، وهذا هو المأخوذ من كلام الشيخ فى دلائل الإعجاز ، كما بسطه فى المطول ، ويمكن أن يقرر كلام شارحنا بذلك ، فيقال قوله بل باعتبار إفادته المعنى أى : الثانوى ، وقوله أى الغرض المصوغ له الكلام أى : وهى أحوال المخاطب من إشارة لمعهود وتعظيم وإنكار وشك ، وقوله بعد إنما يكون باعتبار المعانى والأغراض مراده بالمعاني : الخصوصيات ، ومراده بالأغراض : الأحوال.
وقوله إنما يكون إلخ أى : لأنه يتسبب عن الأحوال الخصوصيات المتوقف عليها المطابقة ، وقوله بعد ذلك المفردة والمجردة أى : عن إفادة المعنى الثاني ، وهى الأغراض السابقة الحاصلة عند التركيب (قوله : نصب) أى : هو منصوب ، أو ذو نصب ، أو يقرأ فعلا مبنيا للمفعول (قوله : على الظرفية) أى : لأجل الظرفية أى لأجل كونه ظرفا والمراد زمانيا (قوله : لأنه) أى : هنا من صفة الأحيان أى : الأزمان ، وكما أن اسم الزمن ينصب على الظرفية ، فكذا صفته ، ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد أن موصوفه الأحيان مقدرا أى : أحيانا كثيرا ؛ لأن التأنيث حينئذ واجب ، بل المراد أنه كان فى الأصل صفة للأحيان ، ثم أقيم مقامها بعد حذفها وصار بمعناها ونصب نصبها ، فمعنى وكثيرا : وأحيانا كثيرة ، وكان الظاهر أن يقول : من صفة الحين ، وعلى هذا فيكون الحين الموصوف مقدرا ، وتذكير الوصف حينئذ ظاهر ، والمعنى وزمنا كثيرا أى : ويسمى ذلك الوصف فصاحة فى زمن كثير ، فهو مثل قوله تعالى : (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ)(١) أى تشكرون فى زمن قليل ، ثم إن قوله لأنه من صفة إلخ : إن أراد الاستدلال على مجرد صحة النصب على الظرفية فمسلم ، وإن أراد الاستدلال على وجوبه فممنوع ؛ لأنه يمكن أن يكون كثيرا نصبا على المفعولية المطلقة أى : وتسميته كثيرا ، إن قلت : إن التسمية وضع الاسم على المسمى وهو شىء واحد لا تعدد فيه ولا تكثر ، وحينئذ فلا يصح وصفها بالكثرة ، أجيب بأنه على هذا الوجه يراد بالتسمية الإطلاق والاستعمال وهو يتعدد ، فصح الوصف بالكثرة ، إن قلت على هذا كان مقتضى
__________________
(١) المؤمنون : ٧٨ ، السجدة : ٩ ، الملك : ٢٣.