وإلا لما صدق أنه لا يرتفع إلا بالمطابقة للاعتبار المناسب ، ولا يرتفع إلا بالمطابقة لمقتضى الحال ؛ ...
______________________________________________________
فحمل الاتحاد على تعيين واحد ليس بلازم (قوله : وإلا لما صدق إلخ) فى قوة قوله وإلا لما صدق الحصران أى : وإلا بأن لم يكن بينهما اتحاد ، بل كان بينهما تباين كلى كالإنسان والفرس ، أو تباين جزئى وهو العموم والخصوص الوجهى : كالإنسان والأبيض ، أو عموم وخصوص مطلق : كالإنسان والحيوان لما صدق الحصران أى : قولنا لا ارتفاع إلا بالمطابقة لمقتضى الحال ، وقولنا : لا ارتفاع إلا بالمطابقة للاعتبار المناسب ، بل لا بد من كذب أحدهما على تقدير العموم والخصوص المطلق ؛ لأنه يكون الحصر فى الأخص فاسدا ، والحصر فى الأعم صادقا ، بيان ذلك أن كل حصر محتو على جزأين إيجابى وسلبى ، والأول ينحل إلى قضية موجبة ، والثانى لقضية سالبة ، والجزء الإيجابى فى كل حصر مقرر عند القوم ؛ لأنه المعتبر أولا فى الحكم والمنظور له ابتداء ، والمعرض للابطال هو الجزء السلبى ، فإذا كان بين الحصرين عموم وخصوص مطلق كان الجزء الإيجابى للحصر فى الأعم منافيا للجزء السلبى للحصر فى الأخص ، والجزء الإيجابى للحصر فى الأخص لا ينافى الجزء السلبى للحصر فى الأعم حتى يتطرق للحصر فى الأعم البطلان ، فلذلك كان الباطل الحصر فى الأخص على تقدير أن يكون بين الحصرين العموم والخصوص المطلق ، يوضح ذلك قولك : لا يباع إلا الحيوان ، فهذه قضية كلية عامة ، ولا يباع إلا الإنسان ، فهو فى قوة كل فرد ، فرد من أفراد الإنسان يباع ولا يباع غيره ، ولا ش ك أن هذه السالبة أعنى : لا يباع غيره ، تكذبها القضية الكلية العامة القائلة : كل فرد من أفراد الحيوان يباع لإفادتها بيع غير الإنسان من الحيوان كالفرس ، والموجبة المذكورة معلومة الصدق فما خالفها يكون كاذبا ، وما استلزم الكاذب من حصر الأخص فهو كاذب ، ويكذب الحصران معا إذا كان بينهما تباين كلى ؛ لأن القضية الموجبة المأخوذة من أحدهما تناقض السالبة المأخوذة من الآخر ، مثلا إذا قلت لا يباع إلا الحمار هذا فى قوة كل فرد ، فرد من أفراد الحمار يباع ولا يباع الفرس ولا غيره ، وإذا قلت : لا يباع إلا الفرس فهو فى قوة كل فرد من أفراد الفرس يباع ولا يباع