فليتأمل (١).
______________________________________________________
الحمار ولا غيره ، فالموجبة من كل تنافى السالبة من الأخرى ، وما نافى الصادق كاذب ، فما تضمنه واستلزمه من الحصر كاذب وكذا يكذب الحصران معا إذا كان بينهما تباين جزئي ، فإن الأخص ينافى الأعم وكل منهما أخص من جهة ، فإن قلت : لا يباع إلا الحيوان كان فى قوة كل فرد من أفراد الحيوان يباع ولا يباع فرد من غيره ولو كان أبيض ، وإذا قلت لا يباع إلا الأبيض كان فى قوة كل فرد من أفراد الأبيض يباع ولو غير حيوان ولا يباع غيره ولو حيوانا ، فسالبة الأول تنافى موجبة الثانى وكذلك العكس ، وما نافى الصادق كاذب ، فكذلك ما استلزمه من الحصر ، أفاد ذلك شيخنا العلامة العدوى ، عليه سحائب الرحمة والرضوان.
(قوله : لما صدق الحصران) أى : لكن التالى باطل ؛ لأن الغرض صدقها فبطل المقدم وهو عدم ثبوت اتحادهما فثبت نقيضه وهو ثبوت اتحادهما وهو المطلوب.
وفى كلام الشارح تسمح حيث أدخل اللام فى جواب إن ، وهى إنما تدخل على جواب (لو) ، فكأنه أعطى (إن) حكم (لو) ؛ لأنها أختها فى التعليق وقد وقع له ذلك كثيرا ولغيره من المصنفين (قوله : فيتأمل) أمر بالتأمل لإمكان أن يقال إن قوله : وإلا لما صدق الحصران فيه نظر ، بل قد يصدق الحصران مع عدم اتحادهما ، كما لو كان بينهما عموم وخصوص مطلق ؛ لأن الحصر فى العام لا يستلزم ثبوت الحكم لجميع الأفراد ، بل غاية ما يفيد أن هذا الحكم لا يخرج عن هذا العام وعدم خروج الحكم عن العام لا يقتضى عموم الحكم لجميع الأفراد ، مثلا إذا قيل : لا يباع إلا الحيوان ، يمكن أن يراد بالحيوان : الجنس المتحقق فى الإنسان ، ولا يراد كل فرد من أفراد الحيوان ، وحينئذ فلا يكون هذا منافيا لقولنا : لا يباع إلا الإنسان ، وكذلك لو كان بينهما تباين جزئى قد يصدق الحصران ؛ لأنه لا يلزم عموم الحكم لجميع الأفراد فى الحصر ، فيجوز أن يتحقق الحصران فى فرد هو محل الاجتماع ، بأن يراد الحيوان فى قولنا : لا يباع إلا الحيوان إنسان أبيض ، ويراد بالأبيض فى قولنا : لا يباع إلا الأبيض ، إنسان أبيض ، وليس
__________________
(١) انظر دلائل الإعجاز ص ١٦٣.