ومعلوم أنه إنما يرتفع بالبلاغة التى هى عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال ـ فقد علم أن المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحد ...
______________________________________________________
القريبة بأن يكون مدخولها سببا تاما ليس معه سبب آخر ؛ لأن السبب القريب لا يتعدد ، وأما لو كانت لمطلق السببية بأن لا يكون هناك سبب آخر ، فإن كان الحصر حقيقيا بمعنى : أن الارتفاع يحصل بهذا السبب لا بغيره أصلا فاستلزام العموم للحصر باطل ؛ لأن الفرض أن الباء لمطلق السببية المقتضى لوجود سبب آخر ، وإن كان الحصر إضافيا بمعنى أن الارتفاع يحصل بهذا السبب الذى هو المطابقة لا بعدمه أى : عند انتفائه ، فلا ينافى أنها تحصل بسبب آخر صح استلزام العموم للحصر ، ولكن لا يستلزم الاتحاد ولا المساواة بين مقتضى الحال والاعتبار المناسب ، بل يصح الحصران مع التباين بين السببين من غير تناقض (قوله : ومعلوم) أى : من كلامهم من خارج ، وهذه صغرى القياس التى حذفها المصنف للعلم بها ، وقوله فقد علم جواب إذا أى : فقد علم من هاتين المقدمتين المعلومة من كلامهم ، وهى ارتفاع شأن الكلام بمطابقته لمقتضى الحال ، والتى ذكرها المصنف وهى ارتفاع شأن الكلام بمطابقته للاعتبار المناسب ، فالتفريع عليهما ، وهذا التفريع هو عين نتيجة القياس كما تقدم ، ثم إن قول الشارح : فقد علم أن المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحد يحتمل أن المراد اتحادهما فى المصداق وفى المفهوم ، فمفهوم كل منهما الخصوصيات ، أو الكلام الكلى المكيف فى الذهن بالخصوصيات ، وحينئذ فيكونان مترادفين كالإنسان والبشر ، ويحتمل أن المراد اتحادهما فى الماصدق فقط ، وحينئذ فيكونان متساويين : كالإنسان والكاتب ، وعلى كل من الاحتمالين يصدق الحصران ، نظير قولك : لا ناطق إلا الإنسان ، ولا ناطق إلا البشر ، فالحصران صحيحان لوجود الترادف بين الإنسان والبشر ، وكذلك إذا قلت : لا ناطق إلا الإنسان ، ولا ناطق إلا الكاتب ، ولا ناطق إلا البشر ، فالحصران صحيحان لوجود الترادف بين الإنسان والبشر ، وكذلك إذا قلت : لا ناطق إلا الإنسان ، ولا ناطق إلا الكاتب ، فالحصران صحيحان لوجود التساوى بين الإنسان والكاتب ، فالحاصل أن صدق المقدمتين يحصل بأحد الأمرين اتحاد الاعتبار المناسب ، ومقتضى الحال أو تساويهما ،