على ما تفيده إضافة المصدر ، ...
______________________________________________________
عنه ، ولأجل أن تكون هذه العلة ردا لما ورد على المقدمة الأولى : أعنى قوله : وارتفاع شأن الكلام إلخ ، من أنه مخالف لما ذكره القوم من أن الارتفاع بالمطابقة لمقتضى الحال.
الشىء الثاني : أن قوله فمقتضى الحال : نتيجة لقياس من الشكل الثالث مركب من مقدمتين ، صغراهما معلومة من كلام القوم ، تركها المصنف للعلم بها ، وكبراهما مذكورة فى كلامه ، وتقريره أن يقال : ارتفاع شأن الكلام بمطابقته لمقتضى الحال ، وارتفاع شأن الكلام بمطابقته للاعتبار المناسب ينتج المطابقة لمقتضى الحال هى المطابقة للاعتبار المناسب ـ كذا قيل ، لكن هذا لا ينتج عين المدعى ، وإن كان يستلزمه ، وهو أن مقتضى الحال هو عين الاعتبار المناسب (١) ، والذى ينبغى أن يجعل كلام الشارح إشارة إلى قياس من الشكل الأول أشير إلى صغراه بالمقدمة المعلومة ، لا أنها عينها ، وإلى كبراه بما قاله المصنف ، لا أنه عينها ، ونظمه مقتضى الحال شىء يرتفع بمطابقته الكلام ، وكل شىء يرتفع بمطابقته الكلام اعتبار مناسب للحال ينتج مقتضى الحال ، وهو الاعتبار المناسب ، وفائدة هذا التفريع التنبيه على أن مقتضى الحال معناه مناسب الحال ، لا موجبه الذى يمتنع أن يتخلف عنه كما يقتضيه لفظ مقتضى ، وإنما أطلق عليه لفظ المقتضى للتنبيه على أن المناسب للمقام فى نظر البلغاء كالمقتضى الذى يمتنع انفكاكه.
(قوله : على ما تفيده) أى : بناء على ما تفيده ، وهذا جواب عما يقال الحصر المذكور غير معلوم من كلام المصنف ، بل المعلوم منه أن الارتفاع يحصل بالمطابقة ، وأما حصوله بغيرها وعدم حصوله فهو مسكوت عنه ، وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه غير معلوم من كلامه ، بل هو معلوم منه من إضافة المصدر وهو ارتفاع لما بعده ، وذلك لأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم ، والعموم فى هذا المقام يستلزم الحصر ؛ لأن المعنى كل ارتفاع فهو بالمطابقة ، وإذا كان كل ارتفاع حاصلا بالمطابقة فلا يمكن ارتفاع بدونها ، إذ لو حصل ارتفاع بغيرها لما صدق أن كل ارتفاع حاصل بها ، ثم اعلم أن إفادة العموم للحصر هنا لا تظهر إلا إذا كانت الباء فى قوله : وارتفاع شأن الكلام بمطابقته للسببية
__________________
(١) وهذا الذى يسميه الشيخ عبد القاهر فى دلائل الإعجاز بالنظم.