(قيل) فصاحة الكلام خلوصه مما ذكر (ومن كثرة التكرار وتتابع الإضافات ...
______________________________________________________
قصده الاعتذار لأحبته فى التشمر للسفر. وإن كان الشاعر من الحكماء المتكلمين بالحكم والحقائق فالأنسب حمله على المعنى الذى ذكره فى" دلائل الإعجاز" ، وإن كان من الظرفاء المستظرفين للنوادر والغرائب فالمعنى على ما قال البعض ، وحينئذ فالقول بأن مراد الشاعر هو ما ذكره ذلك البعض على الإجمال بدون اطلاع على حالة لا يخفى تعسفه أفاده القرمى.
الأمر الثاني : أن طلبه للبعد والفراق : إما فى حال الفراق أو فى حال الوصال ، فالأول : تحصيل الحاصل ، والثاني : طلب قطع الوصال لتحصيل الوصال ، ولا يخفى أنه شنيع جدا ، وقد يجاب باختيار الأول ، وهو أنه طلب فى حالة البعد دوام البعد لأجل حصول دوام القرب ، أو يختار الثاني : وهو أنه اختار البعد حالة القرب لكونه قربا محققا زواله ، فيطلب البعد لأجل أن يحصل قرب غيره دائم ، وفى ذلك تعسف (قوله : فصاحة الكلام إلخ) أشار الشارح بذلك إلى أن قول المصنف ومن كثرة إلخ : عطف على مقدر فى كلام هذا القائل والمجموع مقول القول (قوله : مما ذكر) أى : من الأمور الثلاثة السابقة فى كلام المصنف (قوله : التكرار) بالفتح لأنه ليس من بناء تفعال بالكسر إلا تلقاء وتبيان (قوله : ومن كثرة التكرار) أى : للفظ الواحد اسما كان أو فعلا أو حرفا ، كان الاسم ظاهرا أو ضميرا ، وإنما شرط هذا القائل الكثرة ؛ لأن التكرار بلا كثرة لا يخل بالفصاحة ، وإلا لقبح التوكيد اللفظى.
(قوله : وتتابع الإضافات) أى : ومن تتابع الإضافات ، فهو عطف على كثرة لا على التكرار ، وحينئذ فيكون صاحب هذا القيل مشترطا فى فصاحة الكلام خلوصه من تتابع الإضافات ، وإن لم تكثر ، ومما يرشح ذلك قول الشارح فيما يأتى وتتابع الإضافات مثل قوله : ولم يقل. وكثرة تتابع الإضافات مثل قوله : (قوله : الإضافات) المراد بالجمع ما فوق الواحد نحو يا على بن حمزة بن عمارة