ومع كل عسر يسرا ؛ وإلى هذا أشار عبد القاهر فى دلائل الإعجاز ، وللقوم هاهنا كلام فاسد أوردناه فى الشرح.
______________________________________________________
(قوله : ومع كل عسر) عطف على خبر إن ، ويسرا عطف على اسمها (قوله : وللقوم هاهنا كلام فاسد إلخ) أى : فى معنى البيت ، وحاصله أن بعضهم ذكر أن السين للاستقبال ، وأن المعنى إنى من سالف الزمان إلى اليوم كنت أطلب القرب والسرور فلم يحصل لى إلا الحزن والفراق ، فأنا بعد هذا الآن أطلب البعد عنكم والفراق لأجل أن يحصل القرب والوصال ، وأطلب حصول الأحزان والبكاء لأجل أن يحصل لى الفرح والسرور ؛ لأن عادة الزمان والإخوان المعاملة بنقيض المقصود.
فالشاعر طلب خلاف مراده ليغالط الزمان والإخوان ، فيأتون بالمراد ، ووجه الفساد أمور.
الأول : أن الأحبة والزمان إنما يأتون بخلاف المراد فى الواقع لا فى الظاهر ، والذى طلبه الشاعر مراد فى الظاهر لا فى الواقع ، وقد يقال : إن من تصرفات الشعراء أنهم يظهرون طلب أمر ، ويكون مرادهم خلافه ، قصدا إلى حصول نقيض ما طلبوا الذى هو مرادهم ، بناء على ذلك الأمر التخييلى ، وهو إتيان الزمان بخلاف المطلوب ، فلا معنى لذلك الاعتراض بالفساد. قال أبو الحسن الباخرزى (١) :
ولكم تمنيت الفراق مغالطا |
|
واحتلت فى استثمار غرس ودادى |
وطمعت منها بالوصال لأنها |
|
تبنى الأمور على خلاف مرادى (٢) |
وقد يجاب بأن الاطلاع على مراد الشاعر يتوقف على انكشاف حاله ، فإن كان الشاعر متعلقا بالارتحال بقرينة حال أو مقال ؛ فالمعنى على ما قاله البعض ، ويكون
__________________
(١) هو أبو الحسن على بن الحسن بن على بن أبى الطيب الباخرزى ـ أديب من الشعراء الكتاب من أهل باخرز من نواحى نيسابور كان من كتاب الرسائل وله علم بالفقه والحديث اشتهر بكتابه" دمية القصر وعصرة أهل العصر" وله ديوان شعر ـ توفى سنة ٤٦٧ ه (وانظر الأعلام ٤ / ٢٧٢).
(٢) وفى رواية : ورغبت عن ذكر الوصال ...