حال من (أن ينفع به) أى : بهذا المختصر (كما نفع بأصله) وهو المفتاح ، أو القسم الثالث منه (إنه) أى : الله تعالى (ولى ذلك) النفع (وهو حسبى) أى : محسبى ...
______________________________________________________
الإسناد ليس بلازم أن يكون للرد على منكر ، بل قد يكون لمجرد الاعتناء بالحكم ولظهور الرغبة فيه ، أو لاستبعاد الحكم ، فالتقديم هنا للاعتناء بالسؤال والاهتمام به أو لظهور الرغبة فيه ، فتوجه إلى الله يتضرع فى الإجابة مجتهدا بأقصى وسعه ، مشيرا إلى أنه لا يعتمد على ما بلغ به فى وصف مؤلفه ، بل يسأل الله النفع به ، أو لاستبعاده السؤال ، ولذا علله بقوله : إنه ولى النفع به فتأمل ذلك.
(قوله : حال من أن ينفع به) أى : حال من المصدر المؤول الواقع مفعولا. أى : أسأل الله النفع به حال كونه كائنا من فضل ، فهو من تقديم الحال على صاحبها ، وليس من فضله من معمولات أن ينفع به حتى يلزم تقديم معمول الصلة على الموصول ، أو تقديم معمول المصدر عليه ، وكلاهما ممنوع. (قوله : وهو المفتاح أو القسم الثالث) جعل القسم الثالث أصلا له ظاهر وأما جعل جملة المفتاح أصلا ففيه نظر ؛ لأن القسمين الأولين منه لا تعلق للمختصر بهما حتى يجعلا مثلا له ، ويجاب بأن ما كان جزؤه أصلا لغيره ، فالكل أصل لذلك الغير بهذا الاعتبار. (قوله : إنه ولى) بفتح الهمزة على حذف لام الجر علة لقوله : أسأل ، وبكسرها على الاستئناف البيانى جوابا عما يقال لأى شيء سألته دون غيره ، وقوله ولى ذلك ولى فعيل بمعنى فاعل. أى : متولى ذلك النفع ومعطيه ، فله أن يتصرف فيه كيف يشاء. (قوله : أى محسبى) يشير إلى أن حسب : بمعنى محسب ، فهو اسم فاعل لا اسم فعل كما هو الصحيح ، وحاصل ما فى المقام : أن حسب فى الأصل اسم مصدر بمعنى الكفاية ، ولذا يخبر به عن الواحد وعن المتعدد ، فيقال : زيد وعمرو حسبك ، ثم استعمل اسم فاعل بمعنى محسب ، وكاف. وله حينئذ استعمالات فتارة تستعمل استعمال الصفات ، فتكون نعتا لنكرة كمررت برجل حسبك من رجل ، وتارة تستعمل استعمال الأسماء الجامدة غير تابعة لموصوف ، نحو (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ)(١)
__________________
(١) المجادلة : ٨.