سجل عليهم بمجامع الكفر والطغيان. وختمها بأن حصر فيهم الخسران ، بقوله : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) : وقرئ : «يضل به كثير». «وما يضل به الا الفاسقون». ـ على البناء للمجهول ، في الموضعين. ورفع «كثير» ـ والفاسقون والفسق ، لغة : الخروج. يقال : فسقت الرطبة عن قشرها ، أي : خرجت.
قال رؤبة :
فواسقا عن قصدها جوائرا
والفاسق في الشرع : الخارج عن أمر الله ، بارتكاب الكبيرة ، ومن الكبائر ، الإصرار على الصغيرة. فلا حاجة الى ذكره. وله ثلاث مراتب :
أوليها ـ التغابي. وهو ان يرتكبها أحيانا ، مستقبحا إياها.
وثانيتها ـ الانهماك ، وهو أن يعتاد ارتكابها غير مبال بها. وهو في هاتين المرتبتين ، مؤمن فاسق. لاتصافه بالتصديق الذي هو مسمى الايمان.
وثالثتها ـ [الجحود. وهو] (١) أن يرتكبها مستصوبا إياها. فإذا شارف هذه المرتبة ، خلع ربقة الايمان ، عن عنقه. ولابس الكفر.
والمراد به في الاية ، يحتمل أن يكون مخصوصا بالمعنى الأخير. لكنه أحسن.
والمراد به في قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٢) ، هو المعنى الأخير.
وبهذا يندفع ما قاله البيضاوي (٣) ، من أن المراد به : الخارجون عن حد الايمان ، بقوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
__________________
(١) ر. أنوار التنزيل ١ / ٤١.
(٢) التوبة / ٦٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤١.