هذه السراية. انه لا يعزب (١) عنه ، مثقال (٢) ذرة ، في السموات والأرض ، إذ كل ما يعزب (٣) عنه ، يلتحق بالعدم. وقالوا : هذه الاحاطة ، ليست كاحاطة الظرف بالمظروف. ولا كاحاطة الكل بأجزائه. ولا كاحاطة الكلي بجزئياته. بل كاحاطة الملزوم ، بلوازمه. فان التعينات اللاحقة ، لذاته المطلقة ، انما هي لوازم له ، بواسطة أو بغير واسطة ، وبشرط أو بغير شرط. ولا يقدح كثرة اللوازم في وحدة الملزوم ولا تنافيها.
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) : استئناف ثان. كأنه قيل : ما حالهم مع تلك الصواعق (٤)؟
فأجيب : و «يكاد» مضارع كاد. وهو من كدت ، تكاد ، كيدا ومكادة. وحكى الأصمعي : كودا. فيكون كخفت ، تخاف ، خوفا. والأول أشهر.
و «كاد» من أفعال المقاربة. وضعت لمقاربة الخبر ، من الوجود لعروض ، سببه ، لكنه لم يوجد اما لفقد شرط ، أو لعروض مانع. والشرط في خبره ، أن يكون فعلا مضارعا ، بدون «ان». وقد يكون معها ، بخلاف «عسى». فانه لرجائه.
وقد يدخل على خبرها ، «ان».
وقرئ يخطف ـ بكسر الطاء ـ ويختطف ويخطف ـ بفتح الياء والخاء ـ وأصله يختطف ، نقلت حركة التاء الى الخاء. ثم أدغمت في الطاء. ويخطف ـ بكسرهما ـ بحذف حركة التاء ، للادغام وبتحريك الخاء بالكسر ، اما لالتقاء الساكنين. واما لمتابعة الطاء. ويجعل حرف المضارعة ، تابعا للخاء.
و «يخطف» ، مضارع خطف ، من باب التفعيل. ويتخطف مضارع تخطف
__________________
(١ و ٣) ر : يغرب.
(٢) ليس في أ.
(٤) ر. أنوار التنزيل ١ / ٣٠.