علمك. وبهذا ظهر عدم استحقاق الملائكة للخلافة. لأن من شرطها الاحاطة بأحوال المستخلف عليه.
ثم أقبل سبحانه ، على آدم ، لإظهار استحقاقه لها. «فقال : (يا آدَمُ! أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) المودعة فيهم. فإنها بعض ما أودعنا فيك. فعلمك بتفاصيل ما فيك ، يستلزم العلم بما فيهم.
(فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ ، قالَ) لهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ) سماوات الأسماء ، أي : ما استجن فيها ، من الأحكام والآثار وغيب أرض الحقائق الإمكانية ، من الاستعدادات الغير الظاهر ، الا بعد ظهور أحكام الأسماء وآثارها فيها. «وأعلم ما تبدون» لاقتضاء استعدادكم ابدائها ، من تلك الأحكام والآثار. «وأعلم ما كنتم تكتمون» لعدم وفاء استعدادكم ، بإبدائه.
وانما قال ، أولا ، أنبئوني ، وثانيا ، أنبئهم ، اشارة الى صحة اسناد الأفعال وإيقاعها على كل من الظاهر والمظهر.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) :
عطف على الظرف السابق. ان نصبته بمضمر. والا عطف ، مع ما يقدّر عاملا فيه ، على الجملة المتقدمة ، لبيان نعمة رابعة عامة لجميع الناس.
والمراد بالملائكة ، كلهم.
وقيل : المراد ، ما عدا الملائكة المهيمنين الذين منذ خلقوا ، هاموا في جمال الله وجلاله. ولا شعور لهم ، بوجود العالم. فكيف بوجود آدم؟ وبعد ذلك ، اما مخصوصة بملائكة الأرضين ، أو أعم.
قيل : وهذا القول ، بعد الانباء واظهار فضل آدم ، على الملائكة.
والأظهر ، أنه أمرهم به ، قبل أن يسوى خلقه ، لقوله تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ، فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (١) ، امتحانا لهم وإظهارا لفضله. ولما
__________________
(١) ص / ٧٢.