أو بناء على أن الإضلال بمعنى التخلية ، على وجه العقوبة ، وترك المنع بالقهر ، ومنع الألطاف التي تفعل بالمؤمنين ، جزاء على ايمانهم. ومنه : أفسدت سيفك ، لمن لا يصلح سيفه.
وأما ما يقال من أن اسناد الإضلال وسائر الأفعال ، الى الله سبحانه ، اسناد الفعل الى الفاعل الحقيقي الذي لا مؤثر في الوجود ، عند الحكماء المتألهين والصوفية المحققين وجمهور أهل السنة والجماعة ، الا هو ، فيؤدي الى التظليم والتجوير ، على ما يذهب اليه المجبرة ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ.
و «الباء» ، في الموضعين ، على جميع التقادير ، للسببية.
و «الهداية» في القرآن ، يقع على وجوه :
الأول ـ الدلالة والإرشاد. وهو بهذا المعنى ، شامل لجميع المكلفين. فلا يكون بهذا المعنى ، مرادة في الاية.
الثاني ـ زيادة الألطاف التي بها يثبت على الهدى.
الثالث ـ الاثابة. ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ. وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) (١).
الرابع ـ الحكم بالهداية.
والخامس ـ جعل الإنسان ، مهتديا ، بأن يخلق الهداية فيه. كما يجعل متحركا بجعل الحركة فيه.
وكل واحد من هذه الوجوه الأربعة الأخيرة ، يمكن أن يكون مرادا في تلك الاية.
وقدم الإضلال على الهداية ، لزيادة الاهتمام بتعريضهم وتوبيخهم به. ولذلك
__________________
(١) محمد / ٤.