والثاني ، اثبات النبوة التي يقع بها الترغيب والترهيب وتعريف طرق العبادة وتعيينها ، فلذلك أشار اليه بازاحة الشبهة ، عن كون القرآن ، معجزا دالا على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وهو معطوف على قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ). والظرف مستقر في موضع خبر كان.
والمعنى : وان كنتم في ريب ، يحيط بكم احاطة الظرف بالمظروف.
(مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) : أي : من شيء. أو من الذي نزلناه.
ويحتمل مرجوحا أن يكون المعنى ، من تنزيلنا.
وانما أتى بكلمة «ان» الدالة على عدم الجزم بالوقوع ، و «الريب» متحقق من هؤلاء الكفار ، تنبيها على أنه لا ينبغي حصول هذا الريب ، من العقلاء.
فكيف يجزم به؟ بل لو جوزه مجوز ، فإنما يكون بمحض الاحتمال العقلي.
ولهذا السبب ، بعينه قال : «في ريب». وان كان أكثرهم ، ينكرون.
وانما أتى «بالتنزيل» المنبئ عن التدريج. لأن النزول التدريجي ، كان أحد أسباب طعنهم وارتيابهم ، في القرآن. فإنهم كانوا يطعنون في القرآن. ويرتابون فيه ، من حيث أنه كان مدرجا على قانون الخطابة والشعر. فان الناثر ، لا يرمي بمجموع خطبه ، أو رسائله (١) ، دفعة. والناظم لا يلقي ديوان شعره ، ضربة. بل (٢) مفرقا ، حينا فحينا. وشيئا فشيئا. فكانوا يقولون : لو لا أنزل عليه القرآن ، خلاف هذه العادة ، جملة واحدة. فقيل لهم : ان ارتبتم في هذا الذي أنزل تدريجا ، فهاتوا أنتم بنجم من نجومه ، وسورة من سوره. فانه أيسر عليكم ، من أن تنزل الجملة ، دفعة واحدة (ويتحدى بمجموعه) (٣).
__________________
(١) أ : وسائله.
(٢ و ٣) ليس في أ.