وقالوا : رجل مفوّه إذا أجاد القول ، لأنه يخرج من فيه.
ومنه الأفوه الأوديّ (١). وقالوا : ما تفوّهت به ، وهو تفعّلت منه ، كما قالوا : تلغّمت بكذا وكذا ، أي : حركت به ملاغمي ، وهي ما حول الشفتين.
وقالوا في جمع أفوه ـ وهو الكبير الفم ـ فوه.
قرأت على أبي علي للشنفري (٢) :
مهرّته فوه كأن شدوقها |
|
شقوق العصيّ كالحات وبسّل (٣) |
ولم نسمعهم قالوا أفمام ، ولا تفمّمت ، ولا رجل أفمّ ، كما قالوا : أصمّ ، ولا شيئا من هذا النحو مما لم نذكره ، فدل اجتماعهم على تصريف الكلمة بالفاء والواو والهاء على أن التشديد في «فم» لا أصل له في نفس المثال ، وإنما هو عارض لحق الكلمة.
__________________
لا لغو ولا تأثيم : تكرار النفي وإضافة اللغو إلى التأثيم فيه دلالة وتوكيد على الفكرة. والشاهد فيه قوله «ما فاهوا». إعراب الشاهد : ما : اسم موصول مبني. فاهوا : فعل وفاعل. صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والبيت ينسب لأمية بن الصلت. شرح ابن عقيل (١ / ٤٠٣) شاهد ١١٢ ، وذكره صاحب اللسان في مادة (فوه) (١٣ / ٥٢٦) ، دون أن ينسبه.
(١) الأفوه الأودي : هو صلاءة بن عمرو الأفوه.
(٢) يقال هو الشنفري الأزدي. انظر / شرح لامية العرب للعكبري (ص ٢٢).
(٣) مهرته : الهرّات هو : رجل لا يكتم سرا ويتكلم بالقبيح. القاموس المحيط (١ / ١٦٠). شدوقها : الشدق : جانب الفم مما تحت الخد ، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين ، لدلالتها على جهارة الصوت (ج) أشداق ، شدوق. القاموس المحيط (٣ / ٢٤٨). كالحات : أي اشتد عبوسها ، والكلوح تكشر في عبوس. مادة (ك ل ح) القاموس (١ / ٢٤٦) بسل : البسالة : الشجاعة ، وقد بسل من باب ظرف فهو باسل أي : بطل (ج) بسل كبازل وبزل. القاموس المحيط (٣ / ٣٣٥). إعراب الشاهد : فوه : خبر مرفوع. ونسب ابن جني البيت إلى الشنفري الأزدي. بينما لم نقف على قائله.