وعلى هذا يتوجه عندي قول الحصين بن الحمام (١) :
ما كنت أحسب أنّ أمّي علّة |
|
حتى رأيت إذي نحاز ونقتل |
ومعناه : إذ نحاز ، إلا أنه لما كان يقول في التذكر «إذي» وهو متذكر إذ كان كذا وكذا أجرى الوصل مجرى الوقف ، فألحق الياء في الوصل ، فقال : «إذي». ولهذا نظائر.
وقال سيبويه (٢) : «وسمعنا من يوثق به في ذلك يقول : هذا سيفني ، يريد : هذا سيف ، ولكنه تذكر بعد كلاما ، ولم يرد أن يقطع اللفظ لأن التنوين حرف ساكن ينكسر ، فكسر كما كسر دال قد». هذا قول سيبويه كما تراه.
وقال الراجز (٣) :
تقول : يا ربّاه يا ربّ هل |
|
هل أنت من هذا منجّ أحبلي |
إما بتطليق وإما بـ «ارحلي» (٤) |
فحرك لام «هل» لما أطلقها بالكسر.
فإن كان الساكن مما يكون وقتا مضموما أو مفتوحا ، ثم وقفت عليه مستذكرا ، ألحقت ما يكون مضموما واوا ، وما يكون مفتوحا ألفا ، فتقول : ما رأيته مذو ، أي : مذ يوم كذا ؛ لأن أصله ضم الذال في «منذ» ، وتقول : عجبت منا ، أي : من زيد أو غيره ؛ لأنك قد كنت تقول : من اليوم ، ومن الرجل ، ومن الغلام ، فتفتحه.
ومن كان من لغته «من الغلام» قال في التذكر «عجبت مني» ، فحكم التذكر في هذا الباب حكم القافية ؛ ألا ترى أنك تقول في التذكر «عجبت من الغلامي» فتلحق الياء بعد الميم كما تلحقها بعدها في القافية في نحو قوله (٥) :
__________________
(١) البيت منسوب إليه في اللسان مادة (أذذ).
(٢) الكتاب (٢ / ٣٠٤).
(٣) لم أقف عليه.
(٤) يدعو الشاعر ربه أن ينجيه مما هو فيه. واستخدم في ذلك أسلوب الاستفهام الذي يفيد الرجاء. والشاهد فيه (هل) حيث حرك اللام بالكسر.
(٥) سبق تخريجه.