فحذف التنوين من صخر إنما هو بمنزلة حذفه من محمد في قولك يممت بها محمد بن عمرو.
وإنما كثرت هذه الإضافة في أنفس الأعلام وفي ما نزع عنه تعريفه ، ثم عرّف بالإضافة إلى المعرفة من قبل أن الإضافة في كثير من كلامهم في تقدير الانفصال والانفكاك ، ألا ترى أن باب الحسن الوجه ، والكريم الأب ، كله منويّ فيه الانفصال ، وإنما تقديره الحسن وجهه ، والكريم أبوه. وكذلك اسم الفاعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال ، فهو وإن أضيف في اللفظ مفصول في المعنى.
وذلك نحو قوله تعالى : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) (الأحقاف : ٢٤) (١) ، و (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (المائدة : ٩٥) ، و (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) (المائدة : ١) (٢) و (ثانِيَ عِطْفِهِ) (الحج : ٩) (٣) ، و (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ) (القمر : ٢٧) (٤) ، و (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) (إبراهيم : ٤٧) (٥).
وعلى هذا قول جرير (٦) :
يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم |
|
لاقى مباعدة منكم وحرمانا (٧) |
إنما هو : ممطر لنا ، وهديا بالغا الكعبة ، وثانيا عطفه ، ويا ربّ غابط (٨) لنا ، ولو لا ذلك لم تدخل ربّ عليه ، ولا جرى ممطرنا وصفا على النكرة التي هي عارض ، ولا نصب (ثانِيَ عِطْفِهِ) على الحال.
__________________
(١) الشاهد في الآية (عارض ممطرنا) حيث أنه مضاف في اللفظ مفصول في المعنى ، والتقدير : ممطر لنا.
(٢) الشاهد (محلي الصيد) والتقدير محلا الصيد.
(٣) الشاهد فيها : (عطفه) والتقدير : ثانيا عطفه.
(٤) الشاهد (مرسلو الناقة) والتقدير : مرسلون الناقة.
(٥) الشاهد في قوله (مخلف وعده) والتقدير مخلفا وعده.
(٦) البيت لجرير وفي ديوانه (ص ١٦٣).
(٧) غابطنا : غبط فلانا : أي تمنى مثل ما له من النعمة من غير أن يريد زوالها عنه فهو غابط. حرمانا : حرم فلان الشيء حرمانا : منعه إياه. القاموس المحيط (٤ / ٩٤). والشاهد فيه قوله (غابطنا) والتقدير غابط لنا.
(٨) غابط : الغبطة : ليس بحسد ، وغبطه بما نال من باب ضرب.