وقال الآخر :
علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم |
|
بأبيض من ماء الحديد يمان (١) |
هذا كثير عنهم ، فهلا استقبحوا في اللفظ الإضافة في هذه الأسماء التي هي في الأمر الشائع أعلام ، كما استنكروا فيها تعريفها باللام ، فلم يقولوا الزيد ولا العمرو إلا في الشاذ وضرورة الشعر؟ وما الفرق بين الموضعين؟
فالجواب : أن بين تعريف اللام وتعريف الإضافة فرقا ، وذلك أن اللام في هذا الموضع أشنع في اللفظ من الإضافة ، من قبل أن الإضافة قد تجدها في أنفس الأعلام كثيرا واسعا ، وذلك نحو عبد الله ، وعبد الصمد ، وعبد الواحد ، وعبد الرحمن ، وذي النون ، ذي الرّمة ، وذي الخرق ، وعلى هذا عامة الكنى لأنها أعلام أيضا ، نحو أبي محمد ، وأبي القاسم ، وأبي علي.
ويدلك على أنها أعلام قول الفرزدق (٢) :
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها |
|
حتى أتيت أبا عمرو بن عمّار (٣) |
فحذف التنوين من عمرو بمنزلة حذفه من جعفر في قولك : حتى أتيت جعفر بن عمار. وعلى هذا قول الآخر (٤) :
فلم أجبن ، ولم أنكل ، ولكن |
|
يممت بها أبا صخر بن عمرو (٥) |
__________________
(١) سبق تخريجه.
(٢) البيت منسوب إليه في الكتاب (٢ / ١٤٨) ، وشواهد الشافية (ص ٤٣).
(٣) يقول الفرزدق في محاولته لكسب ود أبا عمرو بن عمار أنه حاول ذلك كثيرا ، وعبر عن ذلك بالفعل (ما زلت) التي تفيد الاستمرارية ، وبين (أفتح ـ أغلق) تضاد يبرز المعنى ويقويه ، ويؤكد شرف المحاولة. الشاهد فيه قوله (أبا عمرو) حيث عرف العلم بالإضافة.
(٤) هو يزيد بن سنان ، كما أكد ذلك صاحب شرح اختيارات المفضل (ص ٣٥١).
(٥) قال يزيد بن سنان هذا البيت في قصيدة قالها في مقتل أبي صخر بن عمرو. فيقول : إنني لم أجبن وأضعف ، وإنما يممت تجاه أبي صخر بن عمرو فقتلته. والشاهد فيه حذف التنوين من عمرو.