واعلم أن هذه اللام الجارة قد تفتح مع المظهر في بعض اللغات ، فيقال : المال لزيد ، بفتح اللام ، نقلت من خط أبي بكر محمد بن السري ، وقرأته بعد ذلك على أبي علي عن أبي العباس ، قال : كان سعيد بن جبير يقرأ : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (إبراهيم : ٤٦) (١) فيفتح اللام ، ويردها إلى أصلها ، وذلك أن أصل اللام الجارة الفتح ، انتهت الحكاية.
وحكي أن الكسائي سمع من أبي حزام العكليّ : ما كنت لآتيك ، ففتح لام كي.
وأما لام المستغاث به نحو : يا لبكر ، ويا لله ، فلام جر ، وإنما فتحت لأن المستغاث به منادى ، والمنادى واقع موقع المضمر ، فلذلك فتحت اللام كما تفتح مع المضمر.
وقد قيل : إنها إنما فتحت للفرق بينها وبين لام التعجب ، نحو قوله (٢) :
يا للرّجال ليوم الأربعاء أما |
|
ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا |
وحدثني أبو علي قال : حكى أبو الحسن عن أبي عبيدة ، والأحمر ، ويونس أنهم سمعوا العرب تفتح اللام الجارة مع المظهر ، قال : وقال أبو الحسن : وقد سمعته أنا منهم أيضا.
__________________
(١) روى شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن رئاب أن عليا ـ رضي الله عنه ـ قال في هذه الآية : أخذ ذاك الذي حاج إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا واستفحلا ، فأوثق رجل كل واحد منهما بوتد إلى تابوت وجوعهما وقعد هو ورجل آخر في التابوت ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم فطارا. وجعل يقول لصاحبه : انظر ما ترى ، قال : أرى كذا وكذا حتى قال : أرى الدنيا كلها كأنها ذباب ، فصوب العصا إلى أسفل فهبطا جميعا. وروى عن عكرمة أن سياق هذه القصة لنمرود ملك كنعان ، حيث إنه رام أسباب السماء بهذه الحيلة ... وذكر مجاهد هذه القصة عن بختنصر. وكل القصص تؤكد أن هذا المكر الذي مكروه تزول منه الجبال. انظر / تفسير ابن كثير (٢ / ٥٤٢). الشاهد فيه قوله (لتزول) بفتح اللام حيث نقل عن ابن جريج عن مجاهد أنه قرأها بفتح اللام كقراءة سعيد بن جبير أيضا.
(٢) هو عبد الله بن مسلم الهذلي ، كما في شرح أشعار الهذليين (ص ٩١٠).