ملكهم ، وكذلك إذا أردت لام الابتداء فإنك تقول : الزيدون إنّ هؤلاء الغلمان لهم ، أي : هم هم. وكذلك قولك : الهندات إنّ هؤلاء الجواري لهنّ ، أي : في ملكهنّ ، وكذلك إذا أردت لام الابتداء ، فقلت : الهندات إنّ هؤلاء الجواري لهنّ ، أي : هؤلاء الجواري هنّ الهندات. فإذا كان الأمر كذلك فقد شابه المضمر في هذا الفصل المظهر ، فمن حيث وجب كسرها مع المظهر إذا جرّت ، وتركها مفتوحة إذا ابتدئ بها ، فكذلك كان يلزم أن تقول : الزيدون إنّ هؤلاء الغلمان لهم ، أي : في ملكهم ، وكذلك إذا أردت لام الابتداء فإنك تقول : الزيدون إنّ هؤلاء الغلمان لهم أي : هم هم.
هذا هو الظاهر في الإلزام ، إلا أن الذي ينبغي أن يعتدّ به في هذا الموضع أن يقال : لما كان أكثر الضمير يتبين فيه المرفوع من المجرور نحو : لك ، ولأنت ، ولي ، ولأنا ، وله ، ولهو ، ولنا ، ولنحن ، ولكما ، ولأنتما ، فلما كان الفرق في أكثره ماضيا مستمرا ، وثابتا مستقرا ، حملت البقية التي قد يعرض فيها في بعض المواضع لبس على ما لا يعترضه لبس.
فهذا أحد الاحتجاجين في فتح اللام الجارة مع المضمر.
والقول الآخر : أن الإضمار يرد الأشياء في أكثر أحوالها إلى أصولها ، وقد تقدم ذكر ذلك في صدر هذا الكتاب. وأصل هذه اللام الفتح على ما قدّمناه آنفا ، لأنها حرف وقع أولا ، فلزمت حركته ، وكانت الفتحة أحق به ، فلما كان أصل حركة هذه اللام الفتح ، وكان الإضمار مما ترجع الأشياء فيه إلى أصولها تركت هذه اللام الجارة مع المضمر مفتوحة.
وهنا زيادة ما علمتها لأحد من أصحابنا ، وهي أن يقال : إذا كان الفرق بين اللام الجارة ولام الابتداء واجبا لما ذكرته من الفرق بين المعنيين ، فلم كسرت الجارة وتركت لام الابتداء بحالها مفتوحة؟
فالجواب عن هذا أن يقال : إن أول أحوال الاسم هو الابتداء ، وإنما يدخل الرافع أو الناصب سوى الابتداء والجار على المبتدأ ، فلما كان الابتداء متقدما في المرتبة ، وكان فتح هذه اللام هو الأول المتقدم من حاليها جعل الفتح الذي هو أول مع الابتداء الذي هو أول ، ولما كان الكسر فيها إنما هو ثان غير أول جعل مع الجر الذي هو تبع للابتداء ، هذا هو القياس ، فاعرفه إن شاء الله.