فذهب أبو عمرو الشيباني إلى أنه أراد قاتم ، أي أسود ، فأبدل الميم على مذهبه نونا ، وقد يمكن غير ما قال ، وذلك أنه يجوز أن يكون أراد بقوله قاتن : فاعل من قول الشماخ (١) :
وقد عرقت مغابنها وجادت |
|
بدرتّها قرى جحن قتين (٢) |
والقتين : الحقير الضئيل ، فكذلك يكون بيت الطرماح ، أي : مسودّ من النسك حقير الجسم زهيده للضر والجهد ، فإذا كان كذلك لم يكن بدلا.
وأما زيادة النون فعلى ضربين : أحدهما زيادة صيغت في نفس المثال المزيد فيه.
والآخر زيادة لحقت على غير معنى اللزوم.
الأول منهما : قد زيدت النون أولا في نحو نقوم ، ونضرب ، وانفعل وبابه ، وفي نحو نفرجة ، يقال : رجل نفرجة القلب ، إذا كان جبانا غير ذي جلادة ولا حزم ، وحدثنا أبو علي عن أبي إسحاق ، قال : يقال : رجل أفرج وفرج ، وهو الذي لا يكتم سرا ، وهو أيضا الذي يكشف عن فرجه ، فقوله : «الذي لا يكتم سرا» هو في معنى نفرجة ، ومثاله نفعلة ، قال الراجز :
نفرجة القلب قليل النّيل |
|
يلقى عليه النّيدلان باللّيل (٣) |
النّيدلان : الذي يقال له الكابوس.
__________________
(١) هو الشماخ بن ضرار معقل ، وكنيته أبو سعيد ، والبيت في ديوانه (ص ٣٥٣) ، ونسبه إليه صاحب اللسان في مادة (ق ت ن). (١٣ / ٣٣٠) ولكن بقوله (حجن) بدل (جحن). عرقت : أي رشح جلدها ، ويقال عرق العظم إذا أكل ما عليه من لحم. القاموس (٣ / ٢٦٢). مغابنها : (م) مغبن : الإبط أو بواطن الأفخاذ عند الحوالب. القاموس المحيط (٤ / ٢٥٣). جادت : جاد أي صار جيدا ، وجاد : سخا وبذل. القاموس المحيط (١ / ٢٨٥). درتها : أدرت أي كثر لبنها. القاموس المحيط (٢ / ٢٨). جحن : جحن جحنا وجحانة أي : ساء غذاؤه وبطؤ نموه ، والجحن : النبت المعطش الضعيف.
(٢) هو حريث بن زيد الخيل.
(٣) ذكره صاحب اللسان في مادة (فرج) (٢ / ٣٤٣) ، ولم ينسبه ، والبيت كما ذكره هو :
تفرجة القلب قليل النّيل |
|
يلقى عليه النيدلان بالليل |
وقد نسبه في شرح الملوكي (ص ١٤٨) وكذا في المنصف (١ / ١٠٦) إلى حريث بن زيد الخيل.