الوحشة ، وصاحبه في الوَحدة ، وغِناه في العَيلة ، وعزّة من غير عشيرة (١).
وجاء في وصيّة جمال العارفين ، وقدوة المتّقين من العلماء العاملين ، السيد علي بن طاووس قدس سره (٢) لولده السيد محمد رحمه الله : اعلم يا ولدي محمد ، ومن بلغه كتابي هذا من ذريّتي وغيرهم من الأهل والاِخوان ، علّمك الله جلّ جلاله ما يريد منكم من المراقبة في السرّ والاِعلان ، انّ مخالطة الناس داء مُعضِل (٣) ، وشاغل عن الله جلّ جلاله مُذهِل (٤) وقد بلغ الأمر في مخالطتهم الى نحو ما جرى في الجاهليّة من الاِشتغال بالأصنام عن الجلالة الاِلهيّة ، فأقلل يا ولدي من مخالطتك لهم ، ومخالطتهم لك بغاية الاِمكان ، فقد جرّبته ورأيته يورث مرضا هايلاً في الأديان (٥) ثم اخذ طاب ثراه في بيان ذلك وشرحه له ، وقد حذّر رحمه الله وطاب ثراه ولده وشدّد فيه ، ونصحه وابلغ في النصيحة ، وأصاب الصواب قدس سره الزكي.
وهذه الكلمة القدسيّة اوردها العلّامة المحقّق البارع محمّد محسن الفيش الكاشاني طاب ثراه (٦) في كتابه (تسهيل السبيل بالحجّة في انتخاب كشف المحجّة) ايضاً.
وجاء في وصيّة الشيخ الفقيه المحدّث النبيه يوسف البحراني طاب ثراه (٧) لولده الشيخ محمد رحمه الله : واتخذ الخلوة والعزلة حجابا عن البشر ، فليس في الصحبة الّا الوبال والضرر (٨).
وقال العلّامة البارع في كل افنون الشيخ محمد بهاء الدين العاملي عامله
__________________
(١) تحف العقول ، الوافي ج ١٤.
(٢) تقدمت ترجمته ص ٩.
(٣) : صعب شديد.
(٤) ذهل عن الشيءنسيه ، من الذهول وهو الذهاب عن الأمر بدهشة.
(٥) كشف المحجّة لثمرة المهجة.
(٦) تقدمت ترجمته ص ٦٥.
(٧) تقدمت ترجمته ص ٢٤٩.
(٨) جليس الحاضر وانيس المسافر ، والوبال : الوخامة وسوء العاقبة.