وأنشده أبو العباس ، عن أبي عثمان ، عن الأصمعيّ :
«ألا هل اتاك والأنباء تنمي»
وأنشدنا أبو عليّ قال أيضا : أنشد أبو زيد :
إذا العجوز غضبت فطلّق |
|
ولا ترضّاها ولا تملّق (١) |
فأثبت الألف أيضا في موضع الجزم ، تشبيها بالياء ، في يأتيك ، على أن بعضهم قد رواه على الوجه الأعرف : «ولا ترضّها ولا تملّق».
وقد قدّر سيبويه هذا الذي ذهبنا إليه من أن الحركة المجاورة للحرف الساكن كأنها فيه ، في قولهم مصباح ومقلات (٢) ، فأجاز فيهما الإمالة (٣) والفتح جميعا.
أما الفتح فإن الصاد والقاف قد جاورتا الفتحة التي بعدهما وهما ساكنتان ، فكانتا كأنهما مفتوحتان ، فصارا كأنهما صباح وقلات ، وهذا مما لا تجوز إمالته.
وأما الإمالة فلأنهما قد جاورتا الميم ، وهي مكسورة ، فصارتا كأنهما صباح وقلات ، فجازت إمالتهما كما جازت إمالة صفاف (٤) وقفاف (٥).
وعلى هذا ما أنشدناه أبو عليّ :
__________________
(١) التملق : التودد والتلطف. مادة (ملق). اللسان (٦ / ٤٢٦٥). يقول الشاعر : إذا غضبت منك زوجك وهي عجوز فطلقها ولا تترضاها ولا تتودد إليها. الشاهد : «لا تترضاها» فأثبت الألف في موضع الجزم ، تشبيها بالياء كما يرى المؤلف. واعترض عليه البغدادي في خزانة الأدب (٣ / ١٣٥) فقال : إن «ترضاها» مقطوع عن العطف أي «وأنت لا تترضاها» فيكون قوله : «ولا تملق» هو المعطوف على قوله «فطلق» ، وجملة «ولا ترضاها» حالية.
(٢) المقلات : من قلّت : وهي الناقة التي تضع واحدا ثم لا تحمل أو المرأة التي لا يعيش لها ولد ، والمقلاة بالتاء المربوطة : وعاء يقلى فيه السمك ونحوه. مادة (ق ل ت) اللسان (٥ / ٣٧١٦).
(٣) الإمالة : نطق الألف قريبا من الياء أو الفتحة قريبا من الكسرة. مادة (ميل). اللسان (٦ / ٤٣١١).
(٤) صفاف : جمع صفة بضم الصاد وتشديد الفاء ، وهو مكان مظلل في مسجد المدينة كان يأوي إليه فقراء المهاجرين ، ويرعاهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم أهل «الصّفّة». اللسان (٤ / ٢٤٦٤).
(٥) القفاف : جمع قفة بوزن صفة ، وهي المقطف الكبير. مادة (ق ف ف) اللسان (٥ / ٣٧٠٤).