باب الباء
الباء : حرف مجهور (١) ، يكون فاء ، وعينا ، ولاما.
فالفاء نحو : بئر ، وبعث ، والعين نحو : صبر ، وشبع ، واللام نحو : ضرب وقرب. ولا يستعمل زائدا.
وأخبرنا أبو عليّ بإسناده إلى الأصمعي قال : كان أبو سوّار الغنوي (٢) يقول : باسمك؟ يريد : ما اسمك؟ فهذه الباء بدل من الميم. وقالوا : بعكوكة (٣) ، وأصلها : معكوكة ، فالباء بدل من الميم ، لأنها من الشدة ، وهي من المعك (٤).
فأما قول النحويين الباء والكاف واللام الزوائد ، يعنون نحو بزيد وكزيد ولزيد ، فإنما قالوا فيهن (٥) إنهن زوائد ، لما أذكره لك. وذلك أنّهن لمّا كنّ على حرف واحد ، وقللن غاية القلة ، واختلطن بما بعدهن ، خشي عليهن لقلتهن وامتزاجهن بما يدخلن عليه ، أن يظنّ بهن أنهن بعضه ، وأحد أجزائه ، فوسموهن (٦) بالزيادة لذلك ، ليعلموا من حالهن أنهن لسن من أنفس ما وصلن به ، ولا من الزوائد التي تبنى في الكلم بناء بعض أجزائهن منهن ، نحو : الواو في كوثر (٧) ، والميم والسين في
__________________
(١) المجهور : صوت يتردد معه الوتران الصوتيان ترددا منتظما في الحنجرة كالذال والدال مثلا.
(٢) أبو سوار الغنوي : كان أعرابيا فصيحا أخذ عنه أبو عبيدة فمن دونه.
(٣) البعكوكة : جماعة الناس أو الإبل في ازدحام وجلبة ، وآثار القوم حيث نزلوا ، ومن الدار ونحوها : وسطها. وبعكوكة الصيف أو الشتاء : اشتداد الحر أو البرد. اللسان (١ / ٣١٤). تنبيه : ورد في المتن أن البعكوكة هي المعكوكة بمعنى الشدة والذي وجدناه في مادة «معك» بمعنى الشدة كلمة «المعكوكاء» يقال : وقعوا في معكوكاء : أي في غبار وجلبة وشر.
(٤) المعك : شدة الدلك ، ورجل معك : شديد الخصومة. مادة (معك). اللسان (٦ / ٤٢٣٥).
(٥) فيهن : أي في الباء والكاف واللام ، ونلاحظ أنه عوض عنهن بنون النسوة دلالة على تأنيثه للحرف والحرف يذكر ويؤنث كما في القاموس.
(٦) وسموهن : وصفوهن.
(٧) الكوثر : العدد الكثير ، وفي التنزيل العزيز(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ، والخير العظيم ، الرجل السخي. مادة (كثر). اللسان (٥ / ٣٨٢٨).