أحبّ المؤقدين إلى مؤسي (١)
بهمز الواو في الموقدين ومؤسي.
وروى قنبل عن ابن كثير بالسّؤق ، مهموز الواو ، ووجه ذلك أن الواو وإن كانت ساكنة ، فإنها قد جاورت ضمة الميم ، فصارت الضمة كأنها فيها ، فمن حيث همزت الواو في نحو أقّتت وأجوه وأعده لانضامها ، كذلك جاز همز الواو في الموقدين وموسى ، على ما قدّمناه من أن الساكن إذا جاور المتحرك صارت حركته كأنها فيه (٢).
ويزيد ذلك عندك وضوحا ، أن من العرب من يقول في الوقف هذا عمر وبكر ، ومررت بعمر وبكر ، فينقل حركة الراء إلى ما قبلها. وإنما جاز ذلك لأنه إذا حرّك ما قبل الراء ، فكأن الراء متحركة.
وقال حسّان (٣) :
__________________
(١) هذا شطر بيت وتمامه : «وجعدة لو أضاءهما الوقود». وقائله جرير ، وهو أبو حزرة جرير بن عطية الخطفي التميمي اليربوعي ، أحد فحول الشعراء الإسلاميين وبلغاء المداحين الهجائين. وقال هذا البيت في قصيدة يمدح بها الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك. والشاهد في قوله : «المؤقدين ، مؤسى» بهمز الواو فيهما. إعراب الشاهد : المؤقدين : مفعول به منصوب بالمفعولية ، وعلامة النصب الياء عوضا عن الفتح لأنه مثنى. مؤسى : اسم مجرور بإلى وعلامة الجر الكسرة المقدرة ، ومنع من ظهورها التعذر.
(٢) في هامش (ص) تعليقة نرجح أنها لابن هشام يقول فيها : «اعلم أن في هذا الموضع تحقيقا لم يذكره ، وهو أنّ الساكن إذا جاور المتحرك فتارة يبقيان ويجري حكم المجاور لمجاوره ، وتارة يجعل السكون على المتحرك ، والحركة على الساكن ، مثال الأول : مؤسى ، ومثال الثاني : المراة والكماة ، وقد يقال : أجريت الهمزة مجرى الساكن ، فأبدلت ، فالتقى ساكنان فحركت الراء بالفتح.
(٣) حسان : هو أبو الوليد حسان بن ثابت الأنصاري ، شاعر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأشعر شعراء المخضرمين ، وهو من بني النجار أهل المدينة ، وعاش بعد الرسول محببا إلى خلفائه ، وعمّر حتى بلغ قريبا من ١٢٠ سنة. انظر / ديوانه (ص ١٦٧).