إذا اجتمعوا عليّ وأشقذوني |
|
فصرت كأنني فرأ متار (١) |
أراد متأر ، فنقل الفتحة إلى التاء ، وأبدل الهمزة ألفا ، لسكونها وانفتاح ما قبلها ، كما ترى ، فصارت متار.
فهذا أحد وجهي ما حمل أبو علي (٢) قول عبد يغوث «كأن لم ترا» عليه قبل.
والوجه الآخر أنه على التخفيف الشائع ، إلا أنه أثبت الألف في موضع الجزم ، تشبيها بالياء في قول الآخر (٣) :
ألم يأتيك والأنباء تنمي |
|
بما لاقت لبون بني زياد (٤) |
ورواه بعض أصحابنا «ألم يأتك» على ظاهر الجزم.
__________________
(١) أشقذوني : طردوني. مادة (شقذ). اللسان (٤ / ٢٢٩٧). لمتار : هو الذي يرمى تارة بعد تارة ، والمراد المفزع ، يقال : أترته : أي أفزعته وطردته ، فهو متار. قال ابن بري : أصله أتأرته ، فنقلت الحركة إلى ما قبلها ، وحذفت الهمزة. وقال ابن حمزة : هذا تصحيف ، وإنما هو منار بالنون يقال أنرته : أي أفزعته. ومنه النوار وهي النفور ، وكأن ابن حمزة يريد ألا يحمل اللفظ على أنه مهموز في الأصل ، فذهب إلى التصحيف. مادة (م ت ر) اللسان (٦ / ٤١٢٦). شرح البيت : يقول : إذا طردني القوم واجتمعوا على طردي أشعر بالفزع والخوف. والشاهد في قوله : «متار» فأصلها «متأر» : نقل الفتحة إلى التاء الساكنة لتحرك ما بعدها فأبدلت الهمزة ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها. إعراب الشاهد : متار : خبر ثان لكأن مرفوع وعلامة الرفع الضمة.
(٢) أبو علي : هو حسن الفارسي ، أستاذ ابن جني ، كان نحويا بصريا تعلم على يد المبرد.
(٣) البيت لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي ، وكان سيد قومه.
(٤) اللبون : الناقة ينزل فيها اللبن فترضع صغارها. مادة (ل ب ن) اللسان (٥ / ٣٩٨٩). الشرح : ألم تسمع أو يصل إليك نبأ لبون بني زياد وما جرى لهن. الشاهد : إبقاء الياء مع الجزم في «يأتيك» وقد خرجه الأخفش على أنه قدر الضمة قبل الجزم ثم حذفها للجزم كقولك في «يكرمك» ألم يكرمك. وذلك للضرورة ، ودلل على ذلك بإنشاد أهل العربية لجرير :
فيوما يجارين الهوى غير ماضي |
|
ويوما ترى منهن غول تغول |
وقال سيبويه : إنه ضرورة ، وزعم الزجاجي والأعلم أنها لغة وخالفهما ابن السيد في شرح أبيات الجمل.