ومنه قول الله سبحانه : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [المزمل : ٨]. وأصنع من هذا قول الهذلىّ :
ما إن يمسّ الأرض إلا منكب |
|
منه وحرف الساق طىّ المحمل (١) |
فهذا على فعل ليس من لفظ هذا الفعل الظاهر ؛ ألا ترى أن معناه : طوى طىّ المحمل ؛ فحمل المصدر على فعل دلّ أول الكلام عليه. وهذا ظاهر.
وكذلك قول الله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [الصف : ١٤] أى مع الله ، وأنت لا تقول : سرت إلى زيد أى معه ؛ لكنه إنما جاء (من أنصارى إلى الله) لمّا كان معناه : من ينضاف فى نصرتى إلى الله ؛ فجاز لذلك أن تأتى هنا إلى. وكذلك قوله ـ عزّ اسمه ـ : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) [النازعات : ١٨] وأنت إنما تقول : هل لك فى كذا ، لكنه لمّا كان على هذا دعاء منه صلىاللهعليهوسلم صار تقديره ؛ أدعوك وأرشدك إلى أن تزكّى. وعليه قول الفرزدق :
كيف ترانى قاليا مجنّى |
|
أضرب أمرى ظهره للبطن |
قد قتل الله زيادا عنّى (٢) |
لمّا كان معنى قد قتله : قد صرفه ، عدّاه بعن.
__________________
ص ٦٣٠ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٤٥ ، وجمهرة الأمثال ١ / ٤١٩ ، وشرح المفصل ١ / ١١١ ، والمقتضب ٣ / ٢٠٥. وصدر البيت :
*وخير الأمر ما استقبلت منه*
(١) البيت من الكامل ، وهو لأبى كبير الهذلىّ فى خزانة الأدب ٨ / ١٩٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٢٤ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٣٤ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٩٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٢٧ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٧٦ ، والكتاب ١ / ٣٥٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٤٦ ، والإنصاف ١ / ٢٣٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٢٤ ، والمقتضب ٣ / ٢٠٣ ، ٢٣٢.
(٢) الرجز للفرزدق فى لسان العرب (ظهر) ، (قتل) ، (جنن) ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٠٠ ، والمحتسب ١ / ٥٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٨٦ ، وتاج العروس (ظهر) ، (قتل) ، (جنن) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ٢٤٧ ، ٢ / ١٠٩ ، ١٧٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٦٢. المجنّ : الترس.