من خمسة وعشرى النخّاسين ، وحكى أيضا : قطع الله الغداة يد ورجل من قاله ، ومنه قولهم : هو خير وأفضل من ثمّ ، وقوله :
يا من رأى عارضا أرقت له |
|
بين ذراعى وجبهة الأسد (١) |
فإن قيل : لو كان الآخر مجرورا بالأوّل لكنت بين أمرين.
إما أن تقول : إلا (علالة أو بداهته) قارح ، وبرئت إليك من خمسة وعشريهم النّخاسين ، وقطع الله يد ورجله من قاله ، ومررت بخير وأفضله من ثمّ ، وبين ذراعى وجبهته الأسد ؛ لأنك إنما تعمل الأوّل ، فجرى ذلك مجرى : ضربت فأوجعته زيدا ؛ إذا أعملت الأوّل.
وإما أن تقدّر حذف المجرور من الثانى وهو مضمر ومجرور كما ترى ، والمضمر إذا كان مجرورا قبح حذفه ؛ لأنه يضعف أن ينفصل فيقوم برأسه.
فإذا لم تخل عند جرّك الآخر بالأول من واحد من هذين ، وكلّ واحد منهما متروك وجب أن يكون المجرور إنما انجرّ بالمضاف الثانى الذى وليه ، لا بالأول الذى بعد عنه.
قيل : أمّا تركهم إظهار الضمير فى الثانى وأن يقولوا : بين ذراعى وجبهته الأسد ونحو ذلك فإنهم لو فعلوه لبقى المجرور لفظا لا جارّ له فى اللفظ يجاوره ؛ لكنهم لمّا قالوا : بين ذراعى وجبهة الأسد صار كأنّ (الأسد) فى اللفظ مجرور بنفس (الجبهة) وإن كان فى الحقيقة مجرورا بنفس الذراعين. وكأنهم فى ذلك إنما أرادوا إصلاح اللفظ. وأمّا قبح حذف الضمير مجرورا لضعفه عن الانفصال فساقط عنا أيضا. وذلك أنه إنما يقبح فصل الضمير المجرور متى خرج إلى اللفظ ؛ نحو مررت
__________________
(١) البيت من المنسرح ، وهو للفرزدق فى ديوانه ص ٢١٥ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٩ ، ٤ / ٤٠٤ ، ٥ / ٢٨٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢١ ، والكتاب ١ / ١٨٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥١ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ١ / ١٠٠ ، ٢ / ٢٦٤ ، ٣٩٠ ، وتخليص الشواهد ص ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٨٧ ، ورصف المبانى ص ٣٤١ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٩٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٢ ، ولسان العرب (بعد) ، (يا) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٨٠ ، ٦٢١ ، ويروى (أسرّ به) مكان (أرقت له). العارض : السحاب المعترض فى الأفق. وذراعا الأسد وجبهته من منازل القمر.