«بررة» : جمع (بار) ، من (البرّ) ، بمعنى التوسع ، ولذا يطلق على الصحراء الواسعة اسم (البر) ، كما يطلق على الفرد الصالح اسم (البار) لوسعة خير وشمول بركاته على الآخرين.
و «البررة» : في الآية ، بمعنى : إطاعة الأمر الإلهي ، والطهارة من الذنوب.
ومن خلال ما تقدم تتوضح لنا ثلاث صفات للملائكة.
الاولى : إنّهم «سفرة» حاملين وحيه جلّ شأنه.
الثّانية : إنّهم أعزاء ومكرمون.
الثالثة : طهرة أعمالهم عن كلّ تقاعس أو مفسدة.
وعلى الرغم من توفير مختلف وسائل الهداية إلى الله ، ومنها ما في صحف المكرمة من تذكير وتوجيه .. ولكنّ الإنسان يبقى عنيدا متمردا : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١).
«الكفر» : في هذا الموضوع قد يحتمل على ثلاثة معان ... عدم الإيمان ، الكفران وعدم الشكر ... جحود الحق وستره بأيّ غطاء كان وعلى كلّ المستويات ، وهو المعنى الجامع والمناسب للآية ، لأنّها تعرضت لأسباب الهداية والإيمان ، فيما تتحدث الآيات التي تليها عن بيان النعم الإلهية التي لا تعد ولا تحصى.
(قُتِلَ الْإِنْسانُ) : كناية عن شدّة غضب الباري جلّ وعلا ، وزجره لمن يكفر بآياته.
ثمّ يتعرض البيان القرآني إلى غرور الإنسان الواهي ، والذي غالبا ما يوقع صاحبه في هاوية الكفر والجحود السحيقة : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)؟
__________________
(١) «قتل الإنسان» : نوع من اللعن ، وهو أشدّها عن الزمخشري في (الكشاف). «ما» ، في «ما أكفره» : للتعجب ، التعجب من السير في متاهات الكفر والضلال ، مع ما للحق من سبيل واضحة ، وتوفير مختلف مصاديق واللطف والرحمة والرّبانية التي توصل الإنسان إلى شاطئ النجاة.